" صفحة رقم ١٣٢ "
من وقوع شيء ضار يمكن وقوعه، والترصدُ لِمنع وقوعه، وتقدم في قوله ) يَحْذَر المنافقون ( في براءة ( ٦٤ ). والمحمود منه هو الخوف من الضارّ عند احتمال حدوثه دون الأمر الذي لا يمكن حدوثه فالحذرُ منه ضرب من الهوس.
وهذا يرجح أن يكون المحذور هو الاغترار بإيمان السحرة بالله وتصديق موسى ويبعِّد أن يكون المراد خروج بني إسرائيل من مصر لأنه حينئذ قد وقع فلا يحذر منه وإنما يكون السعي في الانتقام منهم.
٥٧ ٦٠ ) ) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِى
إِسْرَاءِيلَ فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ ).
إن جريت على ما فسّر به المفسرون قولَه :( فأرسل فرعون في المدائن حاشرين ( ( الشعراء : ٥٣ ) لزمك أن تجعل الفاء في قوله :( فأخرجناهم ( لتفريع الخروج على إرسال الحاشرين، أي ابتدأ بإرسال الحاشرين وأعقب ذلك بخروجه، فالتعقيب الذي دلت عليه الفاء بحسب ما يناسب المدة التي بين إرسال الحاشرين وبين وصول الأنباء من أطراف المملكة بتعيين طريق بني إسرائيل إذ لا يخرج فرعون بجنده على وجهه، غير عالم بطريقهم. وضمير النصب عائد إلى فرعون ومن معه مفهوماً من قوله :( إنكم متَّبَعون ( ( الشعراء : ٥٢ ).
وإنْ جريت على ما فسرنا به قوله تعالى :( فأرسل فرعون ( ( الشعراء : ٥٣ ) ولا إخالك إلا منشرح الصدر لاختيار ذلك، فلْتَجعَلْ الفاءَ في ) فأخرجناهم ( تفريعاً على جملة :( إنكم متَّبَعون ( ( الشعراء : ٥٢ ). والتقدير : فأسرى موسى ببني إسرائيل فأخرجنا فرعون وجنده من بلادهم في طلب بني إسرائيل فاتَّبعوا بني إسرائيل.
وضمير :( أخرجناهم ( على كل تقدير عائد إلى ما يفهم من المقام، أي أخرجنا فرعون وجنده. والجنات : جنات النخيل التي كانت على ضفاف النيل. والعيون : منابع تحفر على خِلجان النيل. والكنوز : الأموال المدخرة.
والمقام : أصله محل القيام أو مصدر قَام. والمعنى على الأول : مساكن كريمة، وعلى الثاني : قيامهم في مجتمعهم، والكريم : النفيس في نوعه. وذلك ما


الصفحة التالية
Icon