" صفحة رقم ١٣٤ "
يكون نصب الضمير لفعل ( أورثنا ) على معنى التشبيه البليغ، أي أورثنا أمثَالها. وقيل ضمير :( أورثناها ( عائد إلى خصوص الكنوز لأن بني إسرائيل استعاروا ليلة خروجهم من جيرانهم المصريين مصوغهم من ذهب وفضة وخرجوا به كما تقدم في سورة طه.
ويجوز عندي وجه آخر وهو أن تكون جملة ) فأخرجناهم من جنات ( إلى قوله :( وأورثناها ( حكاية لكلام من الله معترض بين كلام فرعون. وضمير ) فأخرجناهم ( عائد إلى قوم فرعون المفهوم من قوله :( في المدائن ( ( الشعراء : ٥٣ )، أي فأخرجنا أهل المدائن. وحذف المفعول الثاني لفعل ) أورثناها ). والتقدير : وأورثناها غيرهم، ويكون قوله :( بني إسرائيل ( بياناً لاسم الإشارة في قوله :( إن هؤلاء ( ( الشعراء : ٥٤ ) سلك به طريق الإجمال ثم البيان ليقع في أنفس السامعين أمكن وقْع.
وجملة :( فأتبعوهم مشرقين ( مفرعة على جملة :( فأخرجناهم ( وما بينهما اعتراض. والتقدير : فأخرجناهم فأتبعوهم. والضمير المرفوع عائد إلى ما عاد عليه ضمير النصب من قوله :( فأخرجناهم (، وضمير النصب عائد إلى ) عبادي ( ( الشعراء : ٥٢ ) من قوله :( أن اسْرِ بعبادي ( ( الشعراء : ٥٢ ).
و ) أتْبعوهم ( بهمزة قطع وسكون التاء بمعنى تَبع، أي فلحقوهم.
و ) مشرقين ( حال من الضمير المرفوع يجوز أن يكون معناه قاصدين جهة الشرق يقال : أشرق، إذا دخل في أرض الشرق، كما يقال : أنجد وأتهم وأعرق وأشأم، ويعلم من هذا أن بني إسرائيل توجهوا صوب الشرق وهو صوب بحر ( القلزم ) وهو البحر الأحمر وسمي يومئذ بحر سُوف وهو شرقي مصر. ويجوز أن يكون المعنى داخلين في وقت الشروق، أي أدركوهم عند شروق بعد أن قضوا ليلة أو ليالي مشياً فما بصر بعضهم ببعض إلا عند شروق الشمس بعد ليالي السفر.