" صفحة رقم ١٤٣ "
والقول في تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي في قوله :( والذي هو يطعمني ويسقين (، وقوله :( فهو يشفين ( كالقول في سابقهما للرد على زعمهم أن الأصنام تقدر لهم تيسير ما يأكلون وما يشربون وبها برؤهم إذا مرضوا، وليسا بضميري فصل أيضاً.
وعطف ) إذا مَرضت ( على ) يطعمني ويسقينِ ( لأنه لم يكن حين قال ذلك مريضاً فإن ) إذا ( تخلص الفعل بعدها للمستقبل، أي إذا طرأ عليّ مرض.
وفي إسناده فعل المرض إلى نفسه تأدب مع الله راعى فيه الإسناد إلى الأسباب الظاهرة في مقام الأدب، فأسند إحداث المرض إلى ذاته ولأنه المتسبب فيه، فأما قوله :( والذي يميتني ثم يحيين ( فلم يأت فيه بما يقتضي الحصر لأنهم لم يكونوا يزعمون أن الأصنام تميت بل عمل الأصنام قاصر على الإعانة أو الإعاقة في أعمال الناس في حياتهم. فأما الموت فهو من فعل الدهر والطبيعة إن كانوا دهريين وإن كانوا يعلمون أن الخلق والإحياء والإماتة ليست من شؤون الأصنام وأنها من فعل الله تعالى كما يعتقد المشركون من العرب فظاهر.
وتكرير اسم المَوصول في المواضع الثلاثة مع أن مقتضى الظاهر أن تعطف الصلتان على الصلة الأولى للاهتمام بصاحب تلك الصلات الثلاث لأنها نعت عظيم لله تعالى فحقيق أن يجعل مستقلاً بدلالته.
وأطلق على رجاء المغفرة لفظ الطمع تواضعاً لله تعالى ومباعدة لنفسه عن هاجس استحقاقه المغفرة وإنما طمع في ذلك لوعد الله بذلك.
والخطيئة : الذنب. يقال : خَطِىء إذا أذنب. وتقدم في قوله تعالى :( نغفر لكم خطاياكم في البقرة ( ٥٨ ). والمقصود في لسان الشرائع : مخالفة ما أمر به الشرع. وإذ قد كان إبراهيم حينئذ نبيئاً والأنبياء معصومون من الذنوب كبيرها وصغيرها فالخطيئة منهم هي مخالفة مقتضى المقام النبوي.
والمغفرة : العفو عن الخطايا، وإنما قيده بيوم الدين ( لأنه اليوم الذي يظهر فيه أثر العفو، فأما صدور العفو من الله لِمثل إبراهيم عليه السلام ففي الدنيا، وقد يغفر خطايا بعض الخاطئين يوم القيامة بعد الشفاعة.


الصفحة التالية
Icon