" صفحة رقم ١٤٦ "
من بعد موته لأن الثناء عليه يستعدي دعاء الناس له والصلاة عليه والتسليم جزاء على ما عرفوه من زكاء نفسه.
وقد جعل الله في ذريته أنبياء ورسلاً يذكرونه وتذكره الأمم التابعة لهم ويُخلد ذكره في الكُتب. قال ابن العربي :( قال مالك : لا بأس أن يحب الرجل أن يُثنى عليه صالحاً ويُرى في عمل الصالحين إذا قصد به وجه الله وهو الثناء الصالح )، وقد قال الله تعالى :( وألقيت عليك محبة مني ( ( طه : ٣٩ )، وهي رواية أشهب عن مالك رحمه الله. وقد تقدم الكلام على هذا مشبعاً عند قوله تعالى :( والذين يقولون ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً ( في سورة الفرقان ( ٧٤ ).
واللسان مراد به الكلام من إطلاق اسم الآلة على ما يتقوم بها. واللام في قوله :( لي ( تقتضي أن الذكر الحسن لأجله فهو ذكره بخير. وإضافة ) لسان ( إلى ) صدق ( من إضافة الموصوف إلى الصفة، ففيه مبالغة الوصف بالمصدر، أي لساناً صادقاً.
والصدق هنا كناية عن المحبوب المرغوب فيه لأنه يرغب في تحققه ووقوعه في نفس الأمر. وسأل أن يكون من المستحقين الجنة خالداً فاستعير اسم الورثة إلى أهل الاستحقاق لأن الوارث ينتقل إليه ملك الشيء الموروث بمجرد موت المالك السابق. ولما لم يكن للجنة مالكون تعين أن يكون الوارثون المستحقين من وقت تبَوُّؤ أهل الجنة الجنة، قال تعالى :( أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ( ( المؤمنون : ١٠، ١١ ).
وسأل المغفرة لأبيه قبل سؤال أن لا يخزيه الله يوم القيامة لأنه أراد أن لا يلحقه يومئذ شيء ينكسر منه خاطره وقد اجتهد في العمل المبلّغ لذلك واستعان الله على ذلك وما بقيت له حزازة إلا حزازة كفر أبيه فسأل المغفرة له لأنه إذا جيء بأبيه مع الضالّين لحقه انكسار ولو كان قد استجيب له بقية دعواته، فكان هذا آخر شيء تخوف منه لحاق مهانة نفسية من جهة أصله لا من جهة ذاته. وفي الحديث أنه يؤتى بأبي إبراهيم يوم القيامة في صورة ذيح ( أي ضبَع ذكر ) فيلقَى في النار فلا يشعر به أهل الموقف فذلك إجابة قوله :( ولا تخزني يوم يبعثون ( أي قطعاً لما فيه شائبة الخزي.