" صفحة رقم ١٥٢ "
بعد ( أين ) التي تصير ( أين ) بزيادتها اسم شرط لعموم الأمكنة، ورسم المصحف سنة متبعة.
و ) أو ( للتخيير في التوبيخ والتخطئة، أي هل أخطأتم في رجاء نصرها إياكم، أو في الأقل هل تستطيع نَصر أنفسها وذلك حين يلقى بالأصنام في النار بمرأى من عبدتها ولذلك قال :( فكبكبوا فيها (، أي كبكبت الأصنام في جهنم.
ومعنى ) كُبكِبوا ( كُبُّوا فيها كَباً بعد كَبَ فإنَّ ) كبكبوا ( مضاعف كُبُّوا بالتكرير وتكرير اللفظ مفيد تكرير المعنى مثل : كفكَف الدمعَ، ونظيره في الأسماء : جيش لَمْلَم، أي كثير، مبالغة في اللَّم، وذلك لأن له فعلاً مرادفاً له مشتملاً على حروفه ولا تضعيف فيه فكان التضعيف في مرادفه لأجل الدلالة على الزيادة في معنى الفعل.
وضمائر ) ينصرونكم و ينتصرون و كُبكبوا ( عائدة إلى ) ما كنتم تعبدون ( بتنزيلها منزلة العقلاء. وجنود إبليس : هم أولياؤه وأصناف أهل الضلالات التي هي من وسوسة إبليس. وتقدم الكلام على إبليس في سورة البقرة.
٩٦ ١٠٢ ) ) لله قَالُواْ وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَمَآ أَضَلَّنَآ إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ).
يجوز أن يكون هذا من حكاية كلام إبراهيم عليه السلام أطنب به الموعظة لتصوير هول ذلك اليوم فتكون الجملة حالاً، أو تكون مستأنفة استئنافاً بيانياً كما سيأتي.
ويجوز أن يكون حكاية كلام إبراهيم انتهت عند قوله :( وجنود إبليس أجمعون ( ( الشعراء : ٩٥ ) أو عند قوله تعالى :( يوم يبعثون ( ( الشعراء : ٨٧ ) على ما استظهر ابن عطية. ويكون هذا الكلام موعظة من الله للسامعين من المشركين وتعليماً منه للمؤمنين فتكون الجملة استئنافاً معترضاً بين ذكر القصة والتي بعدها وهو استئناف بياني ناشىء