" صفحة رقم ١٧٧ "
٣، ١٥٤ ) ) قَالُو
اْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِئَايَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ).
أجابوا موعظته بالبهتان فزعموه فقد رُشده وتغير حاله واختلقوا أن ذلك من أثر سِحر شديد. فالمسحَّر : اسم مفعول سَحَّره إذا سَحَره سحراً متمكناً منه، و ) من المسحَّرين ( أبلغ في الاتصاف بالتسحير من أن يقال : إنما أنت مسحَّر كما تقدم في قوله :( لتكونَنَّ من المرجومين ( ( الشعراء : ١١٦ ).
ولمّا تضمن قولهم :( إنما أنت من المسحّرين ( تكذيبهم إياه أيدوا تكذيبه بأنه بشر مثلهم. وذلك في زعمهم ينافي أن يكون رسولاً من الله لأن الرسول في زعمهم لا يكون إلا مخلوقاً خارقاً للعادة كأن يكون ملَكاً أو جِنّيّاً. فجملة :( ما أنت إلا بشر مثلنا ( في حكم التأكيد بجملة :( إنما أنت من المسحّرين ( باعتبار مضمون الجملتين.
وفرعوا على تكذيبه المطالبةَ بأن يأتي بآية على صدقه، أي أن يأتي بخارق عادة يدل على أن الله صدقه في دعوى الرسالة عنه. وفرضوا صدقه بحرف ) إنْ ( الشرطية الغالب استعمالها في الشّك.
ومعنى ) من الصادقين ( من الفئة المعروفين بالصدق يعنون بذلك الرسل الصادقين لدلالته على تمكن الصدق منه، كما تقدم في قوله :( من المرجومين ( ( الشعراء : ١١٦ ).
٥ ١٥٩ ) ) قَالَ هَاذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُو
ءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لأَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ).
اسم الإشارة إلى ناقة جعلها لهم آية. وتقدم خبر هذه الناقة في سورة هود، وذكر أن صالحاً جعل لها شِرباً، وهو بكسر الشين وسكون الراء : النوبة في الماء، للناقة يوماً تشرب فيه لا يزاحمونها فيه بأنعامهم. والكلام على ) عذاب يوم عظيم ( نظير الكلام على نظيره في قصة عاد ورسولهم.