" صفحة رقم ١٩٠ "
قلبه، ويكون أيضاً بسماع كلام الله من وراء حجاب، وقد بيّنا في شرح الحديث النكتة في اختصاص إحدى الحالتين ببعض الأوقات.
وأشعر قوله :( على قلبك ( أن القرآن أُلقيَ في قلبه بألفاظه، قال تعالى :( وما كنت تتْلُو مِن قبله من كتاب ( ( العنكبوت : ٤٨ ).
ومعنى :( لتكون من المنذرين ( لتكون من الرسل. واختير من أفعاله النذارة لأنها أخص بغرض السورة فإنها افتتحت بذكر إعراضهم وبإنذارهم.
وفي :( من المنذرين ( من المبالغة في تمكن وصف الرسالة منه ما تقدم غيرَ مرة في مثل هذه الصيغة في هذه القصص وغيرها. و ) بلسان ( حال من الضمير المجرور في ) نزل به الروح الأمين ).
والباء للملابسة. واللسان : اللغة، أي نزل بالقرآن ملابساً للغة عربية مبينة أي كائناً القرآن بلغة عربية.
والمبين : الموضِّح الدلالة على المعاني التي يعنيها المتكلم، فإن لغة العرب أفصح اللغات وأوسعها لاحتمال المعاني الدقيقة الشريفة مع الاختصار، فإن ما في أساليب نظم كلام العرب من علامات الإعراب، والتقديم والتأخير، وغير ذلك، والحقيقة والمجاز والكناية، وما في سعة اللغة من الترادف، وأسماء المعاني المقيّدة، وما فيها من المحسنات، ما يلج بالمعاني إلى العقول سهلةً متمكنة، فقدّر الله تعالى هذه اللغة أن تكون هي لغة كتابه الذي خاطب به كافة الناس، فأنزل بادىء ذي بدء بين العرب أهل ذلك اللسان ومقاويل البيان ثم جعل منهم حمَلتَه إلى الأمم تترجم معانيَه فصاحتُهم وبيانُهم، ويتلقى أساليبَه الشادون منهم وولدانُهم، حين أصبحوا أمة واحدة يقوم باتحاد الدين واللغة كيانهم.
٦، ١٩٧ ) ) وَإِنَّهُ لَفِى زُبُرِ الاَْوَّلِينَ أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ ءَايَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِى
إِسْرَاءِيلَ ).
عطف على ) وإنه لتنزيل رب العالمين ( ( الشعراء : ١٩٢ )، والضمير للقرآن كضمير ) وإنه لتنزيل رب العالمين ). وهذا تنويه آخر بالقرآن بأنه تصدقه كتب الأنبياء الأولين


الصفحة التالية
Icon