" صفحة رقم ٢٠٣ "
الذل من الرحمة ( في سورة الإسراء ( ٢٤ ). والجَناح للطائر بمنزلة اليدين للدواب، وبالجناحين يكون الطيران.
و ) من المؤمنين ( بيان ) لمن اتبعك ( فإن المراد المتابعة في الدين وهي الإيمان. والغرض من هذا البيان التنويه بشأن الإيمان كأنه قيل : واخفض جناحك لهم لأجل إيمانهم كقوله تعالى :( ولا طائرٍ يطير بجناحيه ( ( الأنعام : ٣٨ ) وجبر لخاطر المؤمنين من قرابته. ولذلك لما نادى في دعائه صفيةَ قال :( عمة رسول الله ) ولما نادى فاطمة قال :( بنت رسول الله ) تأنيساً لهما، فهذا من خفض الجناح، ولم يقل مثل ذلك للعباس لأنه كان يومئذ مشركاً.
٦ ) ) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّى بَرِى
ءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ ).
تفريع على جملة :( وأنذر عشيرتك الأقربين ( ( الشعراء : ٢١٤ ) أي فإن عصوا أمرك المستفاد من الأمر بالإنذار، أي فإن عصاك عشيرتك فما عليك إلا أن تتبرأ من عملهم، وهذا هو مثار قول النبي ( ﷺ ) لهم في دعوته :( غيرَ أن لكم رحماً سأبُلّها ببلالها ) فالتبرؤ إنما هو من كفرهم وذلك لا يمنع من صلتهم لأجل الرحم وإعادة النصح لهم كما قال :( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ( ( الشورى : ٢٣ ). وإنما أمر بأن يقول لهم ذلك لإظهار أنهم أهل للتبرؤ من أعمالهم فلا يقتصر على إضمار ذلك في نفسه.
٧ ٢٢٠ ) ) وَتَوكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِى يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِى السَّاجِدِينَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ).
وعطف الأمر بالتوكل بفاء التفريع في قراءة نافع وابن عامر وأبي جعفر فيكون تفريعاً على :( فقل إني بريء مما تعملون ( ( الشعراء : ٢١٦ ) تنبيهاً على المبادرة بالعوذ من شر أولئك الأعداء وتنصيصاً على اتصال التوكل بقوله :( إني بريء ).
وقرأ الجمهور :( وتَوكل ( بالواو وهو عطف على جواب الشرط، أي قل : إني بريء وتوكل، وعطفه على الجواب يقتضي تسببه على الشرط كتسبب الجواب وهو يستلزم البدار به، فمآل القراءتين واحد وإن اختلف طريق انتزاعه.


الصفحة التالية
Icon