" صفحة رقم ٢٢١ "
إلى الخير حتى إذا لاح لهما تقبّلاه. وهذا معنى قول أبي الحسن الأشعري ( ما زال أبو بكر بعين الرضى من الرحمن ).
وقد أومأ جعل صلة الموصول مضارعاً إلى أن الحكم منوط بالاستمرار على عدم الإيمان، وأومأ جعل الخبر ماضياً في قوله :( زينا ( إلى أن هذا التزيين حكم سبق وتقرر من قبلُ، وحسبك أنه من آثار التكوين بحسب ما طرأ على النفوس من الأطوار.
فإسناد تزيين أعمال المشركين إلى الله في هذه الآية وغيرها مثل قوله :( كذلك زيّنا لكل أمة عملهم ( في سورة الأنعام ( ١٠٨ ) لا ينافي إسناد ذلك إلى الشيطان في قوله الآتي ) وزيّن لهم الشيطان أعمالهم فصدّهم عن السبيل ( ( النمل : ٢٤ ) ؛ فإن وسوسة الشيطان تجد في نفوس أولئك مرتعاً خصباً ومنبتاً لا يقحل ؛ فالله تعالى مزينٌ لهم بسبب تطور جبلة نفوسهم من أثر ضُعف سلامة الفِطَر عندهم، والشيطان مزيّن لهم بالوسوسة التي تجد قبولاً في نفوسهم كما قال تعالى حكاية عنه ) قال فبعزتك لأغوينّهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ( ( ص : ٨٢، ٨٣ ) وقال تعالى :( إن عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ إلا من اتبعك من الغاوين ( ( الحجر : ٤٢ ) وقد تقدم ذلك في قوله تعالى :( ختم الله على قلوبهم ( الآية في سورة البقرة ( ٧ ).
وفُرّع على تزيين أعمالهم لهم أنهم في عمَهٍ متمكن منهم بصوغ الإخبار عنهم بذلك بالجملة الاسمية. وأفادت صيغة المضارع أن العَمه متجدد مستمر فيهم، أي فهم لا يرجعون إلى اهتداء لأنهم يحسبون أنهم على صواب.
والعَمَه : الضلال عن الطريق بدون اهتداء. وقد تقدم في قوله تعالى :( ويمدّهم في طغيانهم يعمهون ( في سورة البقرة ( ١٥ ). وفعله كمنع وفرح.
فضمير ) هم ( عائد إلى ) الذين لا يؤمنون بالآخرة ( بمراعاة هذا العنوان لا بذواتهم.
واعلم أن هذا الاستمرار متفاوت الامتداد فمنه أشدّه وهو الذي يمتد بصاحبه إلى الموت، ومنه دون ذلك. وكل ذلك على حسب تزيين الكفر في نفوسهم تزييناً


الصفحة التالية
Icon