" صفحة رقم ٢٢٥ "
وجملة :( قال موسى لأهله ( إلى آخرها تمهيد لجملة ) فلما جاءها نُودي أن بُورك مَن في النّار ( ( النمل : ٨ ) إلخ. وزمانُ قول موسى لأهله هذه المقالة هو وقت اجتلابه للمبادرة بالوحي إليه. فهذه القصة مثَل ضربه الله لِحال رسول الله ( ﷺ ) مع قومه، ابتدئت بما تقدم رسالة موسى من الأحوال إدماجاً للقصة في الموعظة.
والأهل : مراد به زوجه، ولم يكن معه إلا زوجه وابنان صغيران. والمخاطب بالقول زوجه، ويكنى عن الزوجة بالأهل. وفي الحديث :( والله ما علمتُ على أهلي إلا خَيراً ).
ولم تظهر النار إلا لموسى دون غيره من أهله لأنها لم تكن ناراً معتادة، لكنها من أنوار عالم الملكوت جلاّه الله لموسى فلا يراه غيره. ويؤيد هذا تأكيده الخبر ب ( إن ) المشير إلى أن زوجهُ ترددت في ظهور نار لأنها لم ترها.
والإيناس : الإحساس والشعور بأمر خفي، فيكون في المرئيات وفي الأصوات كما قال الحارث بن حلزة :
آنَستْ نَبْأَةً وأفزعها القُنَّ
اصُ عَصْرَاً وقد دنا الإِمساء
والمراد بالخبر خبر المكان الذي تلوح منه النار. ولعله ظن أن هنالك بيتاً يرجو استضافتهم إياه وأهله تلك الليلة، وإن لم يكن أهل النار أهل بيت يستضيفون بأن كانوا رجالاً مقوين يأتتِ منهم بجمرة نار ليوقد أهله ناراً من حطب الطريق للتدفُّؤ بها.
والشهاب : الجمر المشتعل. والقبس : جمرة أو شعلة نار تُقبس، أي يُؤخذ اشتعالها من نار أخرى ليُشعل بها حطب أو ذُبالة نار أو غيرهما.
وقرأ الجمهور بإضافة ) شهاب ( إلى ) قبس ( إضافة العام إلى الخاص مثل : خَاتم حديد. وقرأه عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف بتنوين ) شهاب (، فيكون ) قبس ( بدلاً من ) شهاب ( أو نعتاً له. وتقدم في أول سورة طه.
والاصطلاء : افتعال من الصلي وهو الشيُّ بالنار. ودلت صيغة الافتعال أنه محاولة الصلي فصار بمعنى التدفُّؤ بوهج النار.


الصفحة التالية
Icon