" صفحة رقم ٢٤٣ "
التوكيد لأن جواب الأمر في الحكم جواب الشرط وهو عنده أخف من دخولها في الفعل المنفي بناءً على أن النفي يضاد التوكيد.
وتسمية سليمان في حكاية كلام النملة يجوز أن تكون حكاية بالمعنى وإنما دلت دلالة النملة على الحذر من حطم ذلك المحاذي لواديها، فلما حكيت دلالتها حكيتْ بالمعنى لا باللفظ، ويجوز أن يكون قد خلق الله علماً في النملة علمت به أن المارّ بها يُدعى سليمان على سبيل المعجزة وخرق العادة.
وتبسُّم سليمان من قولها تبسم تعجب. والتبسّم أضعف حالات الضحك فقوله :( ضاحكاً ( حال موكدة ل ) تبسَّم ( وضحك الأنبياء التبسّم، كما ورد في صفة ضحك رسول الله ( ﷺ ) أو ما يقرب من التبسّم مثل بدوّ النواجذ كما ورد في بعض صفات ضحكه. وأما القهقهة فلا تكون للأنبياء، وفي الحديث ( كثرة الضحك تميت القلب ). وإنما تعجب من أنها عرفت اسمه وأنها قالت :( وهم لا يشعرون ( فوسمته وجندَه بالصلاح والرأفة وأنهم لا يقتلون ما فيه روح لغير مصلحة، وهذا تنويه برأفتِه وعدله الشامل لكل مخلوق لا فساد منه أجراه الله على نملة ليعلَم شرفَ العدل ولا يحتقِرَ مواضعه، وأن وليّ الأمر إذا عدل سرى عدله في سائر الأشياء وظهرت آثاره فيها حتى كأنه معلوم عند ما لا إدراك له، فتسير جميع أمور الأمة على عدل. ويضرب الله الأمثال للناس، فضرب هذا المثل لنبيئه سليمان بالوحي من دلالة نملة، وذلك سر بينه وبين ربّه جعله تنبيهاً له وداعية لشكر ربّه فقال :( رب أوزعني أن أشكر نعمتك ).
وأوزع : مزيد ( وزع ) الذي هو بمعنى كفّ كما تقدم آنفاً، والهمزة للإزالة، أي أزال الوزع، أي الكف. والمراد أنه لم يترك غيره كافّاً عن عمل وأرادوا بذلك الكناية عن ضد معناه، أي كناية عن الحث على العمل. وشاع هذا الإطلاق فصار معنى أوزع أغرى بالعمل. فالمعنى : وفِّقني للشكر، ولذلك كان حقّه أن يتعدى بالباء.
فمعنى قوله :( أوزعني ( ألهمني وأغْرِني. و ) أن أشكُر نعمتك ( منصوب