" صفحة رقم ٢٥٢ "
والباء في قوله :( بنبإ ( للمصاحبة لأن النبأ كان مصاحباً للهدهد حين مجيئه، والنبأ : الخبر المهم.
وبين ب ) سبأ ( و ) بنبإٍ ( الجناس المزدوج. وفيه أيضاً جناس الخط وهو أن تكون صورة الكلمتين واحدة في الخَط وإنما تختلفان في النطق. ومنه قوله تعالى :( والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مَرضت فهو يَشفين ( ( الشعراء : ٧٩، ٨٠ ).
ووصفه ب ) يقين ( تحقيق لكون ما سيلقى إليه شيء محقق لا شبهة فيه فوصف بالمصدر للمبالغة.
وجملة :( إنى وجدت امرأة ( بيان ل ) نبأ ( فلذلك لم تعطف. وإدخال ( إنّ ) في صدر هذه الجملة لأهمية الخبر إذ لم يكن معهوداً في بني إسرائيل أن تكون المرأة ملكاً.
وفعل ) تملكهم ( هنا مشتق من المُلك بضم الميم وفعله كفعل مِلك الأشياء. وروي حديث هرقل ( هل كان في آبائه مِن مَلَك ) بفتح اللام، أي كان مَلكاً، ويفرق بين الفعلين بالمصدر فمصدر هذا مُلك بضم الميم، والآخر بكسرها، وضمير الجمع راجع إلى سبأ.
وهذه المرأة أريد بها بلقيس ( بكسر الموحدة وسكون اللام وكسر القافِ ) ابنة شراحيل وفي ترتيبها مع ملوك سَبأ وتعيين اسمها واسم أبيها اضطراب للمؤرخين. والموثوق به أنها كانت معاصرة سليمان في أوائل القرن السابع عَشر قبل الهجرة وكانت امرأة عاقلة. ويقال : هي التي بَنت سُدّ مَأرب. وكانت حاضرةُ ملكها مأربَ مدينة عظيمة باليمن بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث مراحل وسيأتي ذكرها في سورة سبأ.
وتنكير ) امرأة ( وهو مفعول أول ل ) وجدت ( له حكم المبتدأ فهو كالابتداء بالنكرة إذا أريد بالنكرة التعجب من جنسها كقولهم : بقَرة تكلمتْ، لأن المراد حكاية أمر عجيب عندهم أن تكون امرأة ملكة على قوم. ولذلك لم يقل : وجدتهم تملكهم امرأة.
والإيتاء : الإعطاء، وهو مشعر بأن المعطَى مرغوب فيه، وهو مستعمل في لازمه وهو النول.


الصفحة التالية
Icon