" صفحة رقم ٢٥٨ "
٣١ ) ) قَالَتْ ياأَيُّهَا الْمَلأُ إِنَّى
أُلْقِىَ إِلَىَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَىَّ وَأْتُونِى مُسْلِمِينَ ).
طويت أخبار كثيرة دل عليها ما بين الخبرين المذكورين من اقتضاء عدة أحداث، إذ التقدير : فذهب الهدهد إلى سبأ فرمى بالكتاب فأبلغ الكتاب إلى الملكة وهي في مجلس ملكها فقرأته، قالت : يأيها الملأ إلخ.
وجملة :( قالت ( مستأنفة استئنافاً بيانياً لأن غرابة قصة إلقاء الكتاب إليها يثير سؤالاً عن شأنها حين بلَغها الكتاب.
و ) الملأ ( : الجماعة من أشراف القوم وهم أهل مجلسها. وظاهر قولها :( ألقي إليّ ( أن الكتاب سُلّم إليها دون حُضور أهل مجلسها. وتقدم غير مرة وذلك أن يكون نظام بَلاطها أن تسلم الرسائل إليها رأساً. والإلقاء تقدم آنفاً.
ووصف الكتاب بالكريم ينصرف إلى نفاسته في جنسه كما تقدم عند قوله تعالى :( لهم مغفِرَة ورزق كريم ( في سورة الأنفال ( ٧٤ ) ؛ بأن كان نفيسَ الصحيفة نفيسَ التخطيط بهيجَ الشكل مستوفياً كل ما جرت عادة أمثالهم بالتأنق فيه. ومن ذلك أن يكون مختوماً، وقد قيل : كرم الكتاب ختمه، ليكون ما في ضمنه خاصاً باطلاع من أُرسل إليه وهو يُطلع عليه من يشاء ويكتمه عمن يشاء. قال ابن العربي :( الوصف بالكرم في الكتاب غاية الوصف ؛ ألا ترى إلى قوله تعالى :( إنه لقرآن كريم ( ( الواقعة : ٧٧ ) وأهل الزمان يصفون الكِتاب بالخَطير، والأثير، والمبرور، فإن كان لملك قالوا : العزيز، وأسقطوا الكريم غفلة وهو أفضلها خصلة ).
وأما ما يشتمل عليه الكتاب من المعاني فلم يكن محموداً عندها لأنها قالت :( إن الملوك إذا دَخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ( ( النمل : ٣٤ ).
ثم قصَّت عليهم الكتاب حين قالت :( إنه من سليمان وإنه ( إلى آخره. فيحتمل أن يكون قد تُرجم لها قبل أن تخرج إلى مجلس مشُورتها، ويحتمل أن