" صفحة رقم ٢٦٢ "
ملكة سبأ فَسَّرَتْ بها وبما بعدها مضمون ) كتاب ( في قولها :( ألقى إلى كتاب كريم ).
و ) ألا تعلوا عليّ ( يكون هو أول كتاب سليمان، وأنها حكاية لكلام بلقيس. قال في ( الكشف ) يتبين أن قوله :( إنه من سليمان ( بيان لعنوان الكتاب وأن قوله :( وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ( إلخ بيان لمضمون الكتاب فلا يرد سؤال كيف قدم قوله :( إنه من سليمان ( على ) إنه بسم الله الرحمن الرحيم ). ولم تزل نفسي غير منثلجة لهذه الوجوه في هذه الآية ويخطر ببالي أن موقع ( أَنْ ) هذه استعمال خاص في افتتاح الكلام يعتمد عليه المتكلم في أول كلامه. وأنها المخففة من الثقيلة. وقد رأيتُ في بعض خطب النبي ( ﷺ ) الافتتاح ب ( أنْ ) في ثاني خُطبة خطبها بالمدينة في ( سيرة ابن إسحاق ). وذكر السهيلي : أَنَّ الحمدُ، مضبوط بضمة على تقدير ضمير الأمر والشأن. ولكن كلامه جرى على أن حرف ( إن ) مكسور الهمزة مشدد النون. ويظهر لي أن الهمزة مفتوحة وأنه استعمال ل ( أنْ ) المخففة من الثقيلة في افتتاح الأمور المهمة وأن منه قوله تعالى :( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ( ( يونس : ١٠ ).
و ) ألا تعلوا عليّ ( نهي مستعمل في التهديد ولذلك أتبعته ملكة سبأ بقولها :( يأيها الملأ أفتوني في أمري ( ( النمل : ٣٢ ).
٣٢ ) ) قَالَتْ ياأَيُّهَا الْمَلاَُ أَفْتُونِى فِى
أَمْرِى مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ ).
سألتْهم إبداء آرائهم ماذا تعمل تجاه دعوة سليمان. والجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً مثل التي قبلها.
والإفتاء : الإخبار بالفَتوى وهي إزالة مشكل يعرض. وقد تقدمت عند قوله تعالى :( قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان في سورة يوسف ( ٤١ ).
والأمر : الحال المهم، وإضافته إلى ضميرها لأنها المخاطبة بكتاب سليمان ولأنها المضطلعة بما يجب إجراؤه من شؤون المملكة وعليها تبعة الخطأ في المنهج