" صفحة رقم ٢٦٧ "
والهدية : فعيلة من أهدى : فالهدية ما يعطَى لقصد التقرب والتحبب، والجمع هَدايا على اللغة الفصحى، وهي لغة سُفلَى مَعَدَ. وأصل هدايا : هدائيَ بهمزة بعد ألف الجمع ثم ياءٍ لأن فعيلة يجمع على فعائل بإبدال ياء فعيلة همزة لأنها حرف وقع في الجمع بعد حرف مدّ فلما وجدوا الضمة في حالة الرفع ثقيلة على الياء سكّنوا الياء طرداً للباب ثم قلبوا اليَاء الساكنة ألفاً للخفة فوقعت الهمزة بين ألفين فثقلت فقلبوها ياء لأنها مفتوحة وهي أخف، وأما لغة سُفلى معدّ فيقولون : هَدَاوَى بقلب الهمزة التي بين الألفين واواً لأنها أخت الياء وكلتاهما أخت الهمزة.
و ) ناظرة ( اسم فاعل من نَظر بمعنى انتظَر، أي مترقبةٌ، فتكون جملة :( بم يرجع المرسلون ( مبيّنة لجملة ) فناظرة (، أو مستأنفة. وأصل النظم : فناظرة ما يرجع المرسلون به، فغير النظم لمَّا أريد أنها مترددة فيما يرجع به المرسلون. فالباء في قوله :( بم يرجع المرسلون ( متعلقة بفعل ) يرجع ( قدمت على متعلَّقها لاقترانها بحرف ( ما ) الاستفهامية لأن الاستفهام له صدر الكلام.
ويجوز أن يكون ) ناظرة ( من النظر العقلي، أي عالمة، وتعلقَ الباء بفعل ) يرجع (، وعلى كلا الوجهين ف ) ناظرة ( معلَّق عن العمل في مفعوله أو مفعوليه لوجود الاستفهام، ولا يجوز تعلق الباء ب ) ناظرة ( لأن ما قبل الاستفهام لا يعمل فيما بعده فمن ثم غلطوا الحوفي في ( تفسيره ) لتعليقه الباء ب ) ناظرة ( كما في الجهة السادسة من الباب الخامس من ( مغني اللبيب ).
٣٦، ٣٧ ) ) فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ ءَاتَانِى اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ ءَاتَاكُمْ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ).
أي فلما جاء الرسول الذي دل عليه قوله :( وإني مرسلة إليهم بهدية ( ( النمل : ٣٥ )، فالإرسال يقتضي رسولاً، والرسول لفظه مفرد ويصدق بالواحد والجماعة، كما تقدم في قصة موسى في سورة الشعراء. وأيضاً فإن هدايا الملوك يحملها رَكب، فيجوز أن يكون فاعل ) جاء ( الركبُ المعهود في إرسال هدايا أمثال الملوك.