" صفحة رقم ٢٧٨ "
سياق هذه القصص مناسباً لسياق السائر من بلاد اليمن إلى فلسطين. ولما كان ما حلّ بالقوم أهمَّ ذِكراً في هذا المقام قدم المجرور على المفعول لأن المجرور هو محل العبرة، وأما المفعول فهو محلّ التسلية، والتسلية غرض تَبَعيّ.
ولام القسم لتأكيد الإرسال باعتبار ما اتصل به من بقية الخبر ؛ فإما أن يكون التأكيد لمجرد الاهتمام، وإما أن يبنى على تنزيل المخاطبين منزلة من يتردد فيما تضمنه الخبر من تكذيب قومه إياه واستخفافهم بوعيد ربّهم على لسانه. وحلول العذاب بهم لأجل ذلك لأن حالهم في عدم العظة بما جرى للمماثلين في حالهم جعلهم كمن ينكر ذلك.
و ) أن أعبُدوا الله ( تفسير لما دل عليه ) أرسلنا ( من معنى القول. وفرع على ) أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً ( إلخ ) إذا هم فريقان يختصمون ). فالمعنى : أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً لإنقاذهم من الشرك ففاجأ من حالهم أن أعرض فريق عن الإيمان وآمن فريق.
والإتيان بحرف المفاجأة كناية عن كون انقسامهم غير مرضي فكأنّه غير مترقب، ولذلك لم يقع التعرض لإنكار كون أكثرهم كافرين إشارة إلى أن مجرد بقاء الكفر فيهم كاف في قبْح فعلهم. وحالهم هذا مساوٍ لحال قريش تجاه الرسالة المحمدية. وأعيد ضمير ) يختصمون ( على المثنى وهو ) فريقان ( باعتبار اشتمال الفريقين على عدد كثير. كقوله تعالى :( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ( ( الحجرات : ٩ ) ولم يقل : اقتتلتا.
والفريقان هما : فريق الذين استكبروا، وفريق الذين استضعفوا وفيهم صالح. والفاء للتعقيب وهو تعقيب بحسب ما يقتضيه العرف بعد سماع الدعوة. والاختصام واقع مع صالح ابتداء، ومع أتباعه تبعاً.
٤٦ ) ) قَالَ ياقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ).
لما كان الاختصام بين الفريقين في شأن صالح ابتداء جيء بجواب صالح عما