" صفحة رقم ٩٠ "
وعن مقاتل : أن قوله تعالى :( أو لم يكن لهم آيةً أن يعْلَمَه علماؤا بني إسرائيل ( ( الشعراء : ١٩٧ ) نزل بالمدينة. وكان الذي دعاه إلى ذلك أن مخالطة علماء بني إسرائيل كانت بعد الهجرة. ولا يخفى أن الحجة لا تتوقف على وقوع مخالطة علماء بني إسرائيل ؛ فقد ذكر القرآن مثل هذه الحجة في آيات نزلت بمكة، من ذلك قوله :( قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومَن عنده علمُ الكتاب في سورة الرعد ( ٤٣ ) وهي مكية، وقوله : الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون ( في سورة القصص ( ٥٢ ) وهي مكية، وقوله :( وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به في سورة العنكبوت ( ٤٧ ) وهي مكية. وشأن علماء بني إسرائيل مشهور بمكة وكان لأهل مكة صلات مع اليهود بالمدينة ومراجعة بينهم في شأن بعثة محمد كما تقدم عند قوله تعالى : ويسألونك عن الروح ( في سورة الإسراء ( ٨٥ )، ولذا فالذي نوقن به أن السورة كلها مكية.
وهي السورة السابعة والأربعون في عداد نزول السور نزلت بعد سورة الواقعة وقبل سورة النمل. وسيأتي في تفسير قوله تعالى :( وأنِذر عشيرتك الأقربين ( ( الشعراء : ٢١٤ ) ما يقتضي أن تلك الآية نزلت قبل نزول سورة أبي لهب وتعرضنا لإمكان الجمع بين الأقوال.
وقد جعل أهل المدينة وأهل مكة وأهل البصرة عدد آيها مائتين وستاً وعِشرين، وجعله أهل الشام وأهلُ الكوفة مائتين وسبعاً وعشرين.
الأغراض التي اشتملت عليها
أولها التنويه بالقرآن، والتعريض بعجزهم عن معارضته، وتسلية النبي ( ﷺ ) على ما يلاقيه من إعراض قومه عن التوحيد الذي دعاهم إليه القرآن.
وفي ضمنه تهديدهم على تعرضهم لغضب الله تعالى، وضرب المثل لهم بما حل بالأمم المكذبة رسلها والمُعْرِضة عن آيات الله.
وأحسب أنها نزلت إثر طلب المشركين أن يأتيهم الرسول بخوارق، فافتتحت بتسلية النبي ( ﷺ ) وتثبيت له ورباطة لجأشه بأن ما يلاقيه من قومه هو سنة