" صفحة رقم ٩٤ "
الفاعل ل ) باخِع ( والجملة خبر ( لَعلّ ). وإسناد ) باخع ( إلى ) أن لا يكونون مؤمنين ( مجاز عقلي لأن عدم إيمانهم جُعل سبباً للبخع.
وجيء بمضارع الكون للإشارة إلى أنه لا يأسف على عدم إيمانهم ولو استمر ذلك في المستقبل فيكون انتفاؤه فيما مضى أولى بأن لا يؤسف له.
وحذف متعلق ) مؤمنين ( ؛ إما لأن المراد مؤمنين بما جئتَ به من التوحيد والبعث وتصديق القرآن وتصديق الرسول، وإما لأنه أريد بمؤمنين المعنى اللَّقبي، أي أن لا يكونوا في عداد الفريق المعروف بالمؤمنين وهم أمة الإسلام. وضمير ) أن لا يكونوا ( عائد إلى معلوم من المقام وهم المشركون الذين دعاهم النبي ( ﷺ )
وعُدل عن : أن لا يؤمنوا، إلى ) أن لا يكونوا مؤمنين ( لأن في فعل الكون دلالة على الاستمرار زيادة على ما أفادته صيغة المضارع، فتأكّد استمرار عدم إيمانهم الذي هو مورد الإقلاع عن الحزن له. وقد جاء في سورة الكهف ( ٦ ) ) فلعلّك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث ( بحرف نفي الماضي وهو ( لم ) لأن سورة الكهف متأخرة النزول عن سورة الشعراء فعدم إيمانهم قد تقرر حينئذ وبلغ حدّ المأيوس منه.
وضمير ) يكونوا ( عائد إلى معلوم من مقام التحدّي الحاصل بقوله :( طسم تلك آيات الكتاب المبين ( ( الشعراء : ١، ٢ ) للعلم بأن المتحدَّيْن هم الكافرون المكذبون.
٤ ) ) إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ السَّمَآءِ ءَايَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ).
استئناف بياني ناشىء عن قوله :( أن لا يكونوا مؤمنين ( ( الشعراء : ٣ ) لأن التسلية على عدم إيمانهم تثير في النفس سؤالاً عن إمهالهم دون عقوبة ليؤمنوا، كما قال موسى ) ربّنا إنك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالاً في الحياة الدنيا ربّنا ليَضِلّوا عن سَبيلك ربّنا اطمِسْ على أموالهم واشدُدْ على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ( ( يونس : ٨٨ )، فأجيب بأن الله قادر على ذلك، فهذا الاستئناف اعتراض بين الجملتين المعطوفة إحداهما على الأخرى.


الصفحة التالية
Icon