" صفحة رقم ٩٩ "
والأنباء : ظهور صدقها، وليس المراد من الإتيان هنا البلوغ كالذي في قوله : وهل أتاك نَبَؤا الخصم ( ( ص : ٢١ ) لأن بلوغ الأنباء قد وقع فلا يحكى بعلامة الاستقبال في قوله :( فسيأتيهم ).
و ) ما ( في قوله :( ما كانوا به يستهزءون ( يجوز أن تكون موصولة فيجوز أن يكون ماصْدَقُها القرآن وذلك كقوله تعالى :( ولا تتخذوا آيات الله هُزؤاً ( ( البقرة : ٢٣١ ). وجيء في صلته بفعل ) يستهزءون ( دون ( يكذِّبون ) لتحصل فائدة الإخبار عنهم بأنهم كذَّبوا به واستهزأوا به، وتكون الباء في ) به ( لتعدية فعل ) يستهزءون (، والضمير المجرور عائداً إلى ) ما ( الموصولة، وأنباؤه أخباره بالوعيد. ويجوز أن يكون ما صدق ) ما ( جنسَ ما عُرفوا باستهزائهم به وهو التوعُّد، كانوا يقولون : مَتى هذا الوعد ؟ ونحو ذلك.
وإضافة ) أنبؤا ( إلى ) ما كانوا به يستهزءون ( على هذا إضافة بيانية، أي ما كانوا به يستهزئون الذي هو أنباء ما سيحلّ بهم.
وجمع الأنباء على هذا باعتبار أنهم استهزأوا بأشياء كثيرة منها البعث، ومنها العذاب في الدنيا، ومنها نصر المسلمين عليهم ) ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ( ( يونس : ٤٨ )، ومنها فتح مكة، ومنها عذاب جهنم، وشجرةُ الزقوم. وكان أبو جهل يقول : زقّمونا، استهزاء.
ويجوز كون ) ما ( مصدرية، أي أنباء كون استهزائهم، أي حصوله، وضمير ) به ( عائداً إلى معلوم من المقام، وهو القرآن أو الرسول ( ﷺ )
والمراد بأنباء استهزائهم أنباءُ جزَائه وعاقبته وهو ما توعدهم به القرآن في غير ما آية.
والقول في إقحام فعل ) كانوا ( هنا كالقول في إقحامه في قوله آنفاً ) كانوا عنه معرضين ( ( الشعراء : ٥ ) ولكن أوثر الإتيان بالفعل المضارع وهو ) يستهزءون ( دون اسم الفاعل كالذي في قوله :( كانوا عنه معرضين ( لأن الاستهزاء يتجدد عند تجدد وعيدهم بالعذاب، وأما الإعراض فمتمكّن منهم.


الصفحة التالية
Icon