" صفحة رقم ١٠٤ "
قال تعالى ) هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ( ( الرحمن : ٦٠ ) وقال تعالى ) ذلك جزيناهم بما كفروا ( ( سبأ : ١٧ ).
وتأكيد الجملة في قوله ) إن أبي يدعوك ( حكاية لما في كلامها من تحقيق الخبر للاهتمام به وإدخال المسرة على المخبر به.
والأجر : التعويض على عمل نافع للمعوض، ومنه سمي ثواب الطاعات أجراً، قال تعالى ) وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ( ( محمد : ٣٦ ). وانتصب ) أجر ما سقيت لنا ( على المفعول المطلق لبيان نوع الجزاء أنه جزاء خير، وهو أن أراد ضيافته، وليس هو من معنى إجارة الأجير لأنه لم يكن عن تقاول ولا شرط ولا عادة.
والجزاء : إكرام، والإجارة : تعاقد. ويدل لذلك قوله عقبه ) قالت إحداهما يا أبت استأجره ( ( القصص : ٢٦ ) فإنه دليل على أن أباها لم يسبق منه عزم على استئجار موسى. وكان فعل موسى معروفاً محضاً لا يطلب عليه جزاء لأنه لا يعرف المرأتين ولا بيتهما، وكان فعل شعيب كرماً محضاً ومحبة لقري كل غريب، وتضييف الغريب من سُنة إبراهيم فلا غرو أن يعمل بها رجلان من ذرية إبراهيم عليه السلام.
و ) ما ( في قوله ) ما سقيت لنا ( مصدرية، أي سقيك، ولام ) لنا ( لام العلة.
كانت العوائد أن يفاتح الضيف بالسؤال عن حاله ومقدمه فلذلك قصّ موسى قصة خروجه ومجيئه على شعيب. وذلك يقتضي أن شعيباً سأله عن سبب قدومه، و ) القصص ( : الخبر. و ) قص عليه ( أخبره.
والتعريف في ) القصص ( عوض عن المضاف إليه، أي قصصه، أو للعهد، أي القصص المذكور آنفاً. وتقدم نظيره في أول سورة يوسف.
فطمأنه شعيب بأنه يزيل عن نفسه الخوف لأنه أصبح في مأمن من أن يناله حكم فرعون لأن بلاد مدْين تابعة لملك الكنعانيين وهم أهل بأس ونجدة. ومعنى نهيه عن الخوف نهيه عن ظن أن تناله يد فرعون.


الصفحة التالية
Icon