" صفحة رقم ٢٢٠ "
بذلك. فصيغة أمرهم أنفسهم بالحمل آكد من الخبر عن أنفسهم بذلك، ومن الشرط وما في معناه، لأن الأمر يستدعي الامتثال فكانت صيغة الأمر دالة على تحقيق الوفاء بالحمالة.
وواو العطف لجملة ) ولنحمل ( على جملة ) اتبعوا سبيلنا ( مراد منها المعية بين مضمون الجملتين في الأمر وليس المراد منه الجمع في الحصول فالجملتان في قوة جملتي شرط وجزاء، والتعويل على القرينة.
فكان هذا القول أدل على تأكيد الالتزام بالحالة إن اتبع المسلمون سبيل المشركين، من أن يقال : إن تتبعوا سبيلنا نحمل خطاياكم، بصيغة الشرط، أو أن يقال : اتبعوا سبيلنا فنحمل خطاياكم، بفاء السببية.
والحمل : مجاز تمثيلي لحال الملتزم بمشقة غيره بحال من يحمل متاع غيره فيؤول إلى معنى الحمالة والضمان.
ودل قوله ) خطاياكم ( على العموم لأنه جمع مضاف وهو من صيغ العموم.
وقوله ) وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء ( إبطال لقولهم ) ولنحمل خطاياكم (، نُقِض العمومُ في الإثبات بعموم في النفي، لأن ) شيء ( في سياق النفي يُفيد العموم لأنه نكرة، وزيادة حرف ) من ( تنصيص على العموم.
والحمل المنفي هو ما كان المقصود منه دفع التبعة عن الغير وتبرئته من جناياته، فلا ينافيه إثبات حمل آخر عليهم هو حمل المؤاخذة على التضليل في قوله ) ولَيَحْمِلُنّ أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم ( ( العنكبوت : ١٣ ).
والكذب المخبر به عنهم هو الكذب فيما اقتضاه أمرهم أنفسهم بأن يحملوا عن المسلمين خطاياهم حسب زعمهم والوفاء بذلك كما كانوا في الدنيا فهو كذب لا شك فيه لأنه مخالف للواقع ولاعتقادهم.
ولذلك فجملة ) إنهم لكاذبون ( بدل اشتمال من جملة ) وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء ( لأن جملة ) وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء ( تضمنت عُرُوّ قولهم ) ولنحمل خطاياكم ( عن مطابقته للواقع في شيء وذلك


الصفحة التالية
Icon