" صفحة رقم ٢٣٢ "
وابتدىء بذكر العقاب لأن الخطاب جار مع منكري البعث الذين حظهم فيه هو التعذيب. ومفعولا فعلي المشيئة محذوفان جرياً على غالب الاستعمال فيهما. والتقدير : من يشاء تعذيبه ومن يشاء رحمته. والفريقان معلومان من آيات الوعد والوعيد ؛ فأصحاب الوعد شاء الله رحمتهم وأصحاب الوعيد شاء تعذيبهم، فمن الذين شاء تعذيبهم المشركون ومن الذين شاء رحمتهم المؤمنون، والمقصود هنا هم الفريقان معاً كما دل عليه الخطاب العام في قوله ) وإليه تقلبون ).
والقلب : الرجوع، أي وإليه ترجعون.
وتقديم المجرور على عامله للاهتمام والتأكيد إذ ليس المقام للحصر إذ ليس ثمة اعتقاد مردود. وفي هذا إعادة إثبات وقوع البعث وتعريض بالوعيد.
( ٢٢ ).
عطف على جملة ) وإليه تقلبون ( ( العنكبوت : ٢١ ) باعتبار ما تضمنته من الوعيد.
والمعجز حقيقته : هو الذي يجعل غيره عاجزاً عن فعل ما، وهو هنا مجاز في الغلبة والانفلات من المكنة، وقد تقدم عند قوله تعالى ) إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين ( في سورة الأنعام ( ١٣٤ ).
فالمعنى : وما أنتم بمُفْلَتين من العذاب. ومفعول ( معجزين ) محذوف للعلم به، أي بمعجزين الله.
ويتعلق قوله ) في الأرض ( ) بمعجزين (، أي ليس لكم انفلات في الأرض، أي لا تجدون موئلاً ينجيكم من قدرتنا عليكم في مكان من الأرض سهلها وجبلها، وبدْوِها وحضرها.
وعطف ) ولا في السماء ( على ) في الأرض ( احتراس وتأييس من الطمع في النجاة وإن كانوا لا مطمع لهم في الالتحاق بالسماء. وهذا كقول الأعشى :


الصفحة التالية
Icon