" صفحة رقم ٦٤ "
ومهد لنبأ موسى وفرعون بقوله ) نتلو عليك ( للتشويق لهذا النبأ لما فيه من شتى العبر بعظيم تصرف الله في خلقه.
والتلاوة : القراءة لكلام مكتوب أو محفوظ كما قال تعالى ) وأن أتلو القرآن ( ( النمل : ٩٢ )، وهو يتعدى إلى من تبلغ إليه التلاوة بحرف ( على ) وتقدمت عند قوله ) واتبعوا ما تتلو الشياطين ( في البقرة ( ١٠٢ )، وقوله ) وإذا تليت عليهم ءاياته ( في سورة الأنفال ( ٢ ).
وإسناد التلاوة إلى الله إسناد مجازي لأنه الذي يأمر بتلاوة ما يوحى إليه من الكلام والذي يتلو حقيقة هو جبريل بأمر من الله، وهذا كقوله تعالى ) تلك ءايات الله نتلوها عليك بالحق ( في سورة البقرة ( ٢٥٢ ).
وجلعت التلاوة على النبي ( ﷺ ) لأنه الذي يتلقى ذلك المتلو. وعبر عن هذا الخبر بالنبإ لإفادة أنه خبر ذو شأن وأهمية.
واللام في ) لقوم يؤمنون ( لام التعليل، أي نتلو عليك لأجل قوم يؤمنون فكانت الغاية من تلاوة النبأ على النبي ( ﷺ ) هي أن ينتفع بذلك قوم يؤمنون فالنبي يبلغ ذلك للمؤمنين ؛ فإن كان فريق من المؤمنين سألوا أو تشوّفوا إلى تفصيل ما جاء من قصة موسى وفرعون في سورة الشعراء وسورة النمل وهو الظاهر، فتخصيصهم بالتعليل واضح وانتفاع النبي ( ﷺ ) بذلك معهم أجدر وأقوى، فلذلك لم يتعرض له بالذكر اجتزاء بدلالة الفحوى لأن المقام لإفادة من سأل وغيرهم غير ملتفت إليه في هذا المقام.
وإن لم يكن نزول هذه القصة عن تشوف من المسلمين فتخصيص المؤمنين بالتلاوة لأجلهم تنويه بأنهم الذين ينتفعون بالعِبَر والمواعظ لأنهم بإيمانهم أصبحوا متطلّبين للعلم والحكمة متشوفين لأمثال هذه القصص النافعة ليزدادوا بذلك يقيناً.
وحصول ازدياد العلم للنبيء ( ﷺ ) بذلك معلوم من كونه هو المتلقي والمبلغ ليتذكر من ذلك ما علمه من قبل ويزداد علماً بما عسى أن لا يكون قد علمه، وفي ذلك تثبيت فؤاده كما قال تعالى ) وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما


الصفحة التالية
Icon