" صفحة رقم ٦٧ "
الكافر، والتقي على الفاسق، قال تعالى ) لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى ( ( الحديد : ١٠ ) ويترجح في كل عمل أهل الخبرة به والإجادة فيه وفيما وراء ذلك فالأصل المساواة.
وفرعون هذا هو ( رعمسيس ) الثاني وهو الملك الثالث من ملوك العائلة التاسعة عشرة في اصطلاح المؤرخين للفراعنة، وكان فاتحاً كبيراً شديد السطوة وهو الذي ولد موسى عليه السلام في زمانه على التحقيق.
و ) الأرض ( : هي أرض مصر، فالتعريف فيها للعهد لأن ذكر فرعون يجعلها معهودة عند السامع لأن فرعون اسم ملك مصر. ويجوز أن تجعل المراد بالأرض جميع الأرض يعني المشهور المعروف منها، فإطلاق الأرض كإطلاق الاستغراق العرفي فقد كان ملك فرعون ( رعمسيس ) الثاني ممتداً من بلاد الهند من حدود نهر ( الكنك ) في الهند إلى نهر ( الطونة ) في أوروبا، فالمعنى أرض مملكته، وكان علوه أقوى من علو ملوك الأرض وسادة الأقوام.
والشيع : جمع شيعة. والشيعة : الجماعة التي تشايع غيرها على ما يريد، أي تتابعه وتطيعه وتنصره كما قال تعالى ) هذا من شيعته وهذا من عدوه ( ( القصص : ١٥ )، وأطلق على الفرقة من الناس على سبيل التوسع بعلاقة الإطلاق عن التقييد قال تعالى ) من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون ( ( الروم : ٣٢ ).
ومن البلاغة اختياره هنا ليدل على أنه جعل أهل بلاد القبط فرقاً ذات نزعات تتشيع كل فرقة إليه وتعادي الفرقة الأخرى ليتم لهم ضرب بعضهم ببعض، وقد أغرى بينهم العداوة ليأمن تألبهم عليه كما يقال ( فرّق تحكم ) وهي سياسة لا تليق إلا بالمكر بالضد والعدو ولا تليق بسياسة ولي أمر الأمة الواحدة.
وكان ( رعمسيس ) الثاني قسم بلاد مصر إلى ست وثلاثين إيالة وأقام على كل إيالة أمراء نواباً عنه ليتسنى له ما حكي عنه في هذه الآية بقوله تعالى ) يستضعف طائفة منهم ( الواقع موقع الحال من ضمير ) جعل ( وأبدلت منها بدل اشتمال جملة ) يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم ( لأنه ما فعل ذلك بهم إلا


الصفحة التالية
Icon