" صفحة رقم ٧ "
مفعوله المطلق بدلاً عنه. وعدل عن نصب المفعول المطلق إلى تصييره مبتدأ مرفوعا للدلالة على الثبات والدوام كما تقدم عند قوله ) الحمد لله في أول سورة الفاتحة ( ( ٢ ).
والسلام في الأصل اسم يقوله القائل لمن يلاقيه بلفظ : سلام عليك، أو السلام عليك. ومعناه سلامة وأمنٌ ثابت لك لا نكول فيه، لما تؤذن به ( على ) من الاستعلاء المجازي المراد به التمكن كما في ) أولئك على هدى من ربهم ( ( البقرة : ٥ ).
وأصل المقصود منه هو التأمين عند اللقاء إذ قد تكون بين المتلاقين إحَن أو يكون من أحدهما إغراء بالآخر، فكان لفظ ( السلام عليك ) كالعهد بالأمان. ثم لما كانت المفاتحة بذلك تدل على الابتداء بالإكرام والتلطف عند اللقاء ونية الإعانة والقرى، شاع إطلاق كلمة : السلام عليك، ونحوها عند قصد الإعراب عن التلطف والتكريم وتنوسي ما فيها من معنى بذل الأمن والسلامة، فصار الناس يتقاولونها في غير مظان الريبة والمخافة فشاعت في العرب في أحيائهم وبيوتهم وصارت بمنزلة الدعاء الذي هو إعراب عن إضمار الخير للمدعو له بالسلامة في حياته. فلذلك قال تعالى ) فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كما تقدم في سورة النور ( ( ٦١ ) وصار قول : السلام، بمنزلة قول : حياك الله، ولكنهم خصُّوا كلمة :( حياك الله ) بملوكهم وعظمائهم فانتقلت كلمة ( السلام عليكم ) بهذا إلى طور آخر من أطوار استعمالها من عهد الجاهلية وقد قيل إنها كانت تحية للبشر من عهد آدم.
ثم ذكر القرآن السلام من عند الله تعالى على معنى كونه معاملة منه سبحانه بكرامة الثناء وحسن الذكر للذين رضي الله عنهم من عباده في الدنيا كقوله حكاية عن عيسى إذ أنطقه بقوله ) والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ( ( مريم : ٣٣ ). وكذلك في الآخرة وما في معناها من أحوال الأرواح بعد الموت كقوله عن عيسى ) ويوم أبعث حياً ( ( مريم : ٣٣ )، وقوله عن أهل الجنة ) لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون سلام قولاً من رب رحيم ( ( يس : ٥٧، ٥٨ ).


الصفحة التالية
Icon