" صفحة رقم ٧٠ "
فتصلحن لما تصلح له النساء وهو أن يصرن بغايا إذ ليس لهن أزواج. وإذ كان احتقارهن بصد قومه عن التزوج بهن فلم يبق لهن حظ من رجال القوم إلا قضاء الشهوة، وباعتبار هذا المقصد انقلب الاستحياء مفسدة بمنزلة تذبيح الأبناء إذ كل ذلك اعتداء على الحق. وقد تقدم آنفاً موقع جملة ) إنه كان من المفسدين ).
( ٥ ٦ ).
عطفت جملة ) ونريد ( على جملة ) إن فرعون علا في الأرض ( ( القصص : ٤ ) لمناسبة ما في تلك الجملة من نبأ تذبيح الأبناء واستحياء النساء، فذلك من علو فرعون في الأرض وهو بيان لنبإ موسى وفرعون فإن إرادة الله الخير بالذين استضعفهم فرعون من تمام نبإ موسى وفرعون، وهو موقع عبرة عظيمة من عِبَر هذه القصة.
وجيء بصيغة المضارع في حكاية إرادة مضت لاستحضار ذلك الوقت كأنه في الحال لأن المعنى أن فرعون يطغى عليهم والله يريد في ذلك الوقت إبطال عمله وجعلهم أمة عظيمة، ولذلك جاز أن تكون جملة ) ونريد ( في موضع الحال من ضمير ) يستضعف ( ( القصص : ٤ ) باعتبار أن تلك الإرادة مقارنة لوقت استضعاف فرعون إياهم. فالمعنى على الاحتمالين : ونحن حينئذ مُريدون أن ننعم في زمن مستقبل على الذين استضعفوا.
والمنّ : الإنعام، وجاء مضارعه مضموم العين على خلاف القياس.
و ) الذين استضعفوا في الأرض ( هم الطائفة التي استضعفها فرعون. و ) الأرض ( هي الأرض في قوله ) إن فرعون علا في الأرض ( ( القصص : ٤ ).
ونكتة إظهار ) الذين استضعفوا ( دون إيراد ضمير الطائفة للتنبيه على ما في الصلة من التعليل فإن الله رحيم لعباده، وينصر المستضعفين المظلومين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً.


الصفحة التالية
Icon