" صفحة رقم ٧٨ "
من القوم الظالمين ( ( التحريم : ١١ )، وهي لم تر عداوة موسى لآل فرعون ولا حزنت منه لأنها انقرضت قبل بعثة موسى.
و ) امرأة فرعون ( سميت آسية كما في الحديث المروي عن النبي ( ﷺ ) ( كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران وآسية امرأة فرعون ) ويفيد قولها ذلك أن فرعون حين رآه استحسنه ثم خالجه الخوف من عاقبة أمره فلذلك أنذرته امرأته بقولها ) قرة عين لي ولك لا تقتلوه ).
وارتفع ) قرة عين ( على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هذا الطفل. وحذفه لأنه دل عليه حضوره بين أيديهم وهو على حذف مضاف، أي هو سبب قرة عين لي ولك.
و ( قرة العين ) كناية عن السرور وهي كناية ناشئة عن ضدها وهو سُخْنة العين التي هي أثر البكاء اللازم للأسف والحزن، فلما كُني عن الحزن بسخنة العين في قولهم في الدعاء بالسوء : أسخن الله عينه. وقول الراجز :
أوه أديم عرضه وأسخن
بعينه بعد هجوع الأعين
أتبعوا ذلك بأن كنّوا عن السرور بضد هذه الكناية فقالوا : قرة عين، وأقر الله عينه، فحكى القرآن ما في لغة امرأة فرعون من دلالة على معنى المسرّة الحاصلة للنفس ببليغ ما كنّى به العرب عن ذلك وهو ) قرة عين (، ومن لطائفه في الآية أن المسرة المعنية هي مسرة حاصلة من مرأى محاسن الطفل كما قال تعالى ) وألقيت عليك محبة مني ( ( طه : ٣٩ ).
ويجوز أن يكون قوله ) قرة عين ( قسماً كما يقال : أيمن الله. فإن العرب يقسمون بذلك، أي أقسم بما تقرّ به عيني. وفي الحديث الصحيح : أن أبا بكر الصديق استضاف نفراً وتأخر عن وقت عشائهم ثم حضر، وفيه قصة إلى أن قال الراوي : فجعلوا لا يأكلون لقمة إلا ربت من أسفلها أكثر منها. فقال أبو بكر لامرأته : يا أخت بني فراس ما هذا ؟ فقالت : وقُرّة عيني إنها الآن أكثر من قبل. فتكون امرأة فرعون أقسمت على فرعون بما فيه قرة عينها، وقرة عينه أن لا يقتل موسى، ويكون رفع ) قرة عينٍ ( على الابتداء وخبره محذوفاً، وهو حذف