" صفحة رقم ٨٦ "
جانب بني إسرائيل ) وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم ( ( البقرة : ٢١٦ ) في جانب فرعون إذ كانوا فرحين باستخدام بني إسرائيل وتدبير قطع نسلهم.
وخامسه : أن إصابة قوم فرعون بغتة من قِبَل من أملوا منه النفع أشد عبرة للمعتبر وأوقع حسرة على المستبصر، وأدل على أن انتقام الله يكون أعظم من انتقام العدو كما قال ) فالتقطه ءال فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً ( ( القصص : ٨ ) مع قوله ) عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً ( ( القصص : ٩ ).
وسادسه : أنه لا يجوز بحكم التعقل أن تستأصل أمة كاملة لتوقع مفسد فيها لعدم التوازن بين المفسدتين، ولأن الإحاطة بأفراد أمة كاملة متعذرة فلا يكون المتوقع فساده إلا في الجانب المغفول عنه من الأفراد فتحصل مفسدتان هما أخذ البريء وانفلات المجرم.
وسابعه : تعليم أن الله بالغٌ أمره بتهيئة الأسباب المفضية إليه ولو شاء الله لأهلك فرعون ومن معه بحادث سماوي ولمَا قدّر لإهلاكهم هذه الصورة المرتبة ولأنجى موسى وبني إسرائيل إنجاء أسرع ولكنه أراد أن يحصل ذلك بمشاهدة تنقلات الأحوال ابتداء من إلقاء موسى في اليمّ إلى أن رَدّه إلى أمه فتكون في ذلك عبرة للمشركين الذين ) قالوا اللهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ( ( الأنفال : ٣٢ ) وليتوسموا من بوارق ظهور النبي محمد ( ﷺ ) وانتقال أحوال دعوته في مدارج القوة أن ما وعدهم به واقع بأخَرَة.
وثامنه : العبرة بأن وجود الصالحين من بين المفسدين يخفف من لأواء فساد المفسدين فإن وجود امرأة فرعون كان سبباً في صد فرعون عن قتل الطفل مع أنه تحقق أنه إسرائيلي فقالت امرأته ) لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً ( ( القصص : ٩ ) كما قدمنا تفسيره.
وتاسعه : ما في قوله ) ولتعلم أن وعد الله حق ( من الإيماء إلى تذكير المؤمنين بأن نصرهم حاصل بعد حين، ووعيد المشركين بأن وعيدهم لا مفرّ لهم منه.
وعاشره : ما في قوله ) ولكن أكثرهم لا يعلمون ( من الإشارة إلى أن المرء يُؤتى من جهله النظر في أدلة العقل.


الصفحة التالية
Icon