" صفحة رقم ٩٣ "
يعامل معاملة اسم الشرط فيقترن خبره ومتعلقه بالفاء تشبيهاً له بجزاء الشرط وخاصة إذا كان الموصول مجروراً مقدّماً فإن المجرور المقدّم قد يقصد به معنى الشرطية فيعامل معاملة الشرط كقوله في الحديث ( كما تكونوا يول عليكم ) بجزم ( تكونوا ) وإعطائه جواباً مجزوماً. والظهير : النصير.
وقد دل هذا النظم على أن موسى أراد أن يجعل عدم مظاهرته للمجرمين جزاء على نعمة الحكمة والعلم بأن جعل شكر تلك النعمة الانتصار للحق وتغيير الباطل لأنه إذا لم يغير الباطل والمنكر وأقرهما فقد صانع فاعلهما، والمصانعة مظاهرة. ومما يؤيد هذا التفسير أن موسى لما أصبح من الغد فوجد الرجل الذي استصرخه في أمسه يستصرخه على قبطي آخر أراد أن يبطش بالقبطي وفاء بوعده ربه إذ قال ) فلن أكون ظهيراً للمجرمين ( لأن القبطي مشرك بالله والإسرائيلي موحِّد.
وقد جعل جمهور من السلف هذه الآية حجة على منع إعانة أهل الجور في شيء من أمورهم. ولعل وجه الاحتجاج بها أن الله حكاها عن موسى في معرض التنويه به فاقتضى ذلك أنه من القول الحق.
( ١٨، ١٩ ).
أي أصبح خائفاً من أن يطالب بدم القبطي الذي قتله وهو يترقب، أي يراقب ما يقال في شأنه ليكون متحفزاً للاختفاء أو الخروج من المدينة لأن خبر قتل القبطي لم يفش أمره لأنه كان في وقت تخلو فيه أزقة المدينة كما تقدم، فلذلك كان موسى يترقب أن يظهر أمر القبطي المقتول.
و ( إذا ) للمفاجأة، أي ففاجأه أن الذي استنصره بالأمس يستنصره اليوم.


الصفحة التالية
Icon