" صفحة رقم ١٠٥ "
لوجه الله تعالى لا للرياء والفخر. فمن آتى للرياء والفخر فلا فلاح له من إيتائه.
لما جرى الترغيب والأمر ببذل المال لِذَوي الحاجة وصلة الرحم وما في ذلك من الفلاح أعقب بالتزهيد في ضرب آخر من إعطاء المال لا يرضَى الله تعالى به وكان الربا فاشياً في زمن الجاهلية وصدر الإسلام وخاصة في ثقيف وقريش. فلما أرشد الله المسلمين إلى مواساة أغنيائهم فقراءَهم أتبع ذلك بتهيئة نفوسهم للكف عن المعاملة بالربا للمقترضين منهم، فإن المعاملة بالربا تنافي المواساة لأن شأن المقترض أنه ذو خَلّة، وشأن المُقرِض أنه ذو جِدَة فمعاملته المقترِض منه بالربا افتراضٌ لحاجته واستغلال لاضطراره، وذلك لا يليق بالمؤمنين.
و ) ما ( شرطية تفيد العموم، فالجملة معترضة بعد جملة ) فئاتتِ ذا القربى حقه ( ( الروم : ٣٨ ) الخ. والواو اعتراضية. ومضمون هذه الجملة بمنزلة الاستدراك للتنبيه على إيتاء مال هو ذميم. وجيء بالجملة شرطية لأنها أنسب بمعنى الاستدراك على الكلام السابق. فالخطاب للمسلمين الذين يريدون وجهَ الله الذين كانوا يُقرضون بالربا قبل تحريمه.
ومعنى ) ءاتيتم :( آتى بعضكم بعضاً لأن الإيتاء يقتضي مُعطياً وآخذاً.
وقوله ) لتربوا في أموال الناس ( خطاب للفريق الآخِذِ.
و ) لتربوا ( لتزيدوا، أي لأنفسكم أموالاً على أموالكم. وقوله :( في أموال الناس في ( للظرفية المجازية بمعنى ( من ) الابتدائية، أي لتنالوا زيادة وأرباحاً تحصل لكم من أموال الناس، فحرف ) في ( هنا كالذي في قول سَبْرةَ الفقعسي :
ونَشْرَبُ فِي أثمانها ونُقامر