" صفحة رقم ١٢٠ "
لمحقوقة أن تستجيبي لصوته
فإن وعد الصادق حق. قال تعالى :( وعداً علينا إنّا كُنّا فاعلين ( ( الأنبياء : ١٠٤ ). وقد اختصر طريق الإفصاح عن هذا الغرض أعني غرض الوعد بالنصر والوعيد له فأُدرج تحت ذكر النصر معنَى الانتصار، وأدرج ذكر الفريقين : فريق المصدقين الموعود، وفريق المكذبين المتوعَّد، وقد أُخلي الكلام أولاً عن ذكرهما.
وعن أبي بكر شعبة راوي عاصم أنه كان يقف على قوله ) حَقّاً ( فيكون في ) كان ( ضمير يعود على الانتقام، أي وكان الانتقامُ من المجرمين حقاً، أي : عدلاً، ثم يستأنف بقوله ) علينا نصرُ المؤمنين ( وكأنه أراد التخلص من إيهام أن يكون للعباد حق على الله إيجاباً فراراً من مذهب الاعتزال وهو غير لازم كما علمت. قال ابن عطية : وهو وقف ضعيف، وكذلك قال الكواشي عن أبي حاتم.
( ٤٨ ٤٩ )
جاءت هذه الجملة على أسلوب أمثالها كما تقدم في قوله ) هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده ( ( الروم : ٢٧ )، وجاءت المناسبة هنا لذكر الاستدلال بإرسال الرياح في قوله ) ومن ءاياته أن يرسل الرياح مبشرات ( ( الروم : ٤٦ ) استدلالاً على التفرّد بالتصرف وتصوير الصنع الحكيم الدال على سعة العلم، ثم أعقب بالاستدلال بإرسال الرياح توسلاً إلى ذكر إحياء الأرض بعد موتها المستدَلّ به على البعث، فقد أفادت صيغة الحصر بقوله ) الله الذي يرسل الرياح أنه هو المتصرف في هذا الشأن العجيب دون غيره، وكفى بهذا إبطالاً لإلهية الأصنام، لأنها لا تستطيع مثل هذا الصنع الذي هو أقرب التصرفات في شؤون نفع البشر. والتعبير بصيغة المضارع في : يُرسل، وتُثير، ويَبسطه، ويَجعله