" صفحة رقم ١٢٢ "
السماء، فتعين أن يكون الجمع بينهما في الذكر مراداً منه اختلاف أحوال السحاب. والمقصود من هذا : أن اختلاف الحال آية على سعة القدرة.
والخطاب في ) فترى الوَدْق ( خطاب لغير معيّن وهو كل من يتأتى منه سماع هذا وتتأتى منه رؤية الودق. والودق : المطر. وضمير ) خلاله ( للسحاب بحالتيه المذكورتين وهما حالة بسطه في السماء وحالة جعله كسفاً فإن المطر ينزل من خلال السحاب المغلق والغمامات. والخلال : جمع خَلَل بفتحتين وهو الفرجة بين شيئين. وتقدم نظير هذه الجملة في سورة النور.
وذكر اختلاف أحوال العباد في وقت نزول المطر وفي وقت انحباسه بين استبشار وإبلاس إدماج للتذكير برحمة الله إياهم وللاعتبار باختلاف تأثرات نفوسهم في السراء والضراء، وفي ذلك إيماء إلى عظيم تصرف الله في خِلقة الإنسان إذ جعله قابلاً لاختلاف الانفعال مع اتحاد العقل والقلب كما جعل السحاب مختلف الانفعال من بسط وتقطع مع اتحاد الفعل وهو خروج الودق من خلاله.
و ) إنْ ( في قوله ) وإن كانوا ( مخفَّفة مهملة عن العمل، واللام في قوله ) لَمُبْلِسِين ( اللام الفارقة بين ) إنْ ( المخففة و ) إنْ ( الشرطية.
والإبلاس : يأس مع انكسار. وقوله ) مِنْ قَبْلِه ( تكرير لقوله ) من قبللِ أن ينزّل عليهم ( ( الروم : ٤٩ ) لتوكيد معنى قبلية نزول المطر وتقريره في نفوس السامعين. قال ابن عطية : أفاد التأكيد الإعلام بسرعة تقلب قلوب البشر من الإبلاس إلى الاستبشار اه. يعني أن إعادة قوله ) مِنْ قَبْله ( زيادة تنبيه على الحالة التي كانت من قبل نزول المطر. وقال في ( الكشاف ) :( فيه الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد تطاول فاستحكم إبلاسهم فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم ) اه.