" صفحة رقم ١٢٤ "
الاعتبار بإحياء الأرض بعد موتها. وحرف التوكيد يفيد مع تقرير الخبر زيادة معنى فاء التسبب كقول بشار :
بَكِّرَا صاحِبَيَّ قبل الهجير
إن ذاك النجاح في التبكير
إذ التقدير : فالنجاح في التبكير، كما تقرر غير مرة. واسم الإشارة عائد إلى اسم الله تعالى بما أُجري عليه من الإخبار بإحياء الأرض بعد موتها ليفيد اسم الإشارة معنى أنه جدير بما يرد بعده من الخبر عن المشار إليه. فالمعنى : أن الله الذي يحيي الأرض بعد موتها لمحيي الموتى، تقريباً لتصور البعث. وعدل عن الموصول إلى الإشارة للإيجاز، ولما في الإشارة من التعظيم. وذُيل ذلك بقوله ) وهو على كل شيء قدير ( فإنه يعم جميع الأشياء والبعثُ من جملتها إذ ليس هو إلا إيجادَ خَلق وهو مقدور لله تعالى كما أنشأ الخلق أول مرة. والشبه تام، لأن إحياء الأرض إيجاد أمثال ما كان عليها من النبات فكذلك إحياء الموتى إيجاد أمثالهم. وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم ) إلى أثَر ( بالإفراد. وقرأه الباقون ) إلى ءَاثار ( بصيغة الجمع.
عطف على جملة ) وإن كانوا من قبل أن يُنزل عليهم من قبلِه لمُبْلسين ( ( الروم : ٤٩ ) وما بينهما اعتراض واستطراد لغرض قد علمته آنفاً. وهذه الجملة سيقت للتنبيه على أن الكُفران مطبوع في نفوسهم بحيث يعاودهم بأدنى سبب فهم إذا أصابتهم النعمة استبشروا ولم يشكروا وإذا أصابتهم البأساء أسرعوا إلى الكفران فصُوّر لكفرهم أعجبُ صورة وهي إظهارهم إياه بحدثان ما كانوا مستبشرين منه إذ يكون الزرع أخضر والأمل في الارتزاق منه قريباً فيصيبه إعصار فيحترق فيضجّون من


الصفحة التالية
Icon