" صفحة رقم ١٥٤ "
إلى وصفه بحكمة الهدى والإرشاد. ويجوز أن يكون ) إذْ قَالَ ( ظرفاً متعلقاً بفعل ( اذكر ) محذوفاً.
وفائدة ذكر الحال بقوله ) وهو يعظه ( الإشارة إلى أن قوله هذا كان لتلبس ابنه بالإشراك، وقد قال جمهور المفسرين : إن ابن لقمان كان مُشركاً فلم يزل لقمان يعظه حتى آمن بالله وحده، فإن الوعظ زجرٌ مقترن بتخويف قال تعالى ) فأعْرِضْ عنهم وعِظهم وقُل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً ( ( النساء : ٦٣ ) ويعرف المزجور عنه بمتعلق فعل الموعظة فتعين أن الزجر هنا عن الإشراك بالله. ولعل ابن لقمان كان يدين بدين قومه من السودان فلما فتح الله على لقمان بالحكمة والتوحيد أبَى ابنه متابعته فأخذ يعظه حتى دان بالتوحيد، وليس استيطان لقمان بمدينة داود مقتضياً أن تكون عائلته تدين بدين اليهودية.
وأصل النهي عن الشيء أن يكون حين التلبس بالشيء المنهي عنه أو عند مقاربة التلبس به، والأصل أن لا ينهى عن شيء منتف عن المنهي. وقد ذكر المفسرون اختلافاً في اسم ابن لقمان فلا داعي إليه. وقد جمع لقمان في هذه الموعظة أصول الشريعة وهي : الاعتقادات، والأعمال، وأدب المعاملة، وأدب النفس.
وافتتاح الموعظة بنداء المخاطب الموعوظ مع أن توجيه الخطاب مغن عن ندائه لحضوره بالخطاب، فالنداء مستعمل مجازاً في طلب حضور الذهن لوعي الكلام وذلك من الاهتمام بالغرض المسوق له الكلام كما تقدم عند قوله تعالى ) يا أبَتتِ إني رأيتُ أحَدَ عَشَر كوكباً ( ( يوسف : ٤ ) وقوله ) يا بُني لا تقصص رؤياك في سورة يوسف وقوله إذْ قال الحواريون يا عيسى ابنَ مريم هل يستطيع ربك أن يُنَزّل علينا مائدة من السماء في سورة العقود وقوله تعالى إذ قال لأبيه يا أبت لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسمع ولا يبْصر في سورة مريم.
وبُنَيّ ( تصغير ( ابن ) مضافاً إلى ياء المتكلم فلذلك كسرت الياء. وقرأه الجمهور بكسر ياء ) بُنَيِّ ( مشدّدة. وأصله : يا بُنَيْيي بثلاث ياءات إذ أصله الأصيل يا بُنَيْوِي لأن كلمة ابن واوية اللام الملتزمة حذفها فلما صُغر ردّ إلى