" صفحة رقم ١٥٧ "
الأسلوب بينها وبين آيتي سورة العنكبوت وسورة الأحقاف لأن ما هنا حكاية ما سبق في أمة أخرى والأخريين خطاب أنف لهذه الأمة. وقد روي أن لقمان لما أبلغ ابنه هذا قال له : إن الله رضيني لك فلم يوصِني بك ولم يرضَك لي فأوصاكَ بي.
والمقصود من هذا الكلام هو قوله ) وإن جاهداك على أن تشرك بي ( إلى آخره... وما قبله تمهيد له وتقرير لواجب بر الوالدين ليكون النهي عن طاعتهما إذا أمرا بالإشراك بالله نهياً عنه في أوْلى الحالات بالطاعة حتى يكون النهي عن الشرك فيما دون ذلك من الأحوال مفهوماً بفحوى الخطاب مع ما في ذلك من حسن الإدماج المناسب لحكمة لقمان سواء كان هذا من كلام لقمان أو كان من جانب الله تعالى.
وعلى كلا الاعتبارين لا يحسن ما ذهب إليه جمع من المفسرين أن هذه الآية نزلت في قضية إسلام سعد بن أبي وقاص وامتعاض أمه، لعدم مناسبته السياق، ولأنه قد تقدم أن نظير هذه الآية في سورة العنكبوت نزل في ذلك، وأنها المناسبة لسبب النزول فإنها أخلِيت عن الأوصاف التي فيها ترقيق على الأم بخلاف هذه، ولا وجه لنزول آيتين في غرض واحد ووقت مختلف وسيجيء بيان الموصَى به.
والوهْن بسكون الهاء مصدر وَهَن يهِن من باب ضرَب. ويقال : وَهَنٌ بفتح الهاء على أنه مصدر وهِنَ يَوْهَن كوَجِلَ يَوجَل. وهو الضعف وقلة الطاقة على تحمل شيء. وانتصب ) وَهْناً ( على الحال من ) أمّه ( مبالغة في ضعفها حتى كأنها نفس الوهْن، أي واهنة في حمله، و ) على وهن ( صفة ل ) وَهْناً ( أي وهْناً واقعاً على وهْن، كما يقال : رجع عوْداً على بدء، إذا استأنف عملاً فرغ منه فرجع إليه، أي : بعد بدء، أو ) على ( بمعنى ( مع ) كما في قول الأحوص :
إني على ما قد علمِت محسَّد
أنمي على البغضاءِ والشَنآنِ
فإن حمل المرأة يقارنه التعب من ثقل الجنين في البطن، والضُعفُ من انعكاس