" صفحة رقم ١٦٣ "
وقرأه الباقون بنصب ) مثقالَ ( على الخبرية ل ) تكُ ( مِن ( كان ) الناقصة، وتقدير اسم لها يدل عليه المقام مع كون الفعل مسنداً لمؤنث، أي إن تك الكائنة، فضمير ) إنها ( مراد منه الخصلة من حسنة أو سيئة أخذاً من المقام.
والمثقال بكسر الميم : ما يقدر به الثقل ولذلك صيغ على زنة اسم الآلة.
والحبة : واحدة الحَبّ وهو بذر النبات من سنابل أو قطنية بحيث تكون تلك الواحدة زريعة لنوعها من النبات، وقد تقدم في سورة البقرة قوله ) كَمَثَل حَبَّة أنبتَتْ سَبْع سَنَابل ( وقوله ) إنَّ الله فَالِق الحَب والنَّوى في سورة الأنعام.
والخردل : نبت له جذر وساق قائمة متفرعة إسطوانية أوراقها كبيرة يُخرج أزهاراً صغيرة صُفْراً سنبلية تتحول إلى قرون دقيقة مربعة الزوايا تخرج بزوراً دقيقة تسمى الخردل أيضاً، ولبّ تلك البزور شديد الحرارة يلدغ اللسان والجلد، وهي سريعة التفتق ينفتق عنها قشرها بدقّ أو إذا بلت بمائع، فتستعمل في الأدوية ضَمَّادات على المواضع التي فيها التهاب داخلي من نزلة أو ذات جنْب وهو كثير الاستعمال في الطب قديماً وحديثاً. وقد أخذ الأطباء يستغنون عنه بعقاقير أخرى. وتقدم نظير هذا في سورة الأنبياء فلا تُظْلَم نفس شيئاً وإن كان مثقالُ حَبة من خردل أتينَا بها.
وقوله أو في السموات ( عطف على ) في صخرة ( لأن الصخرة من أجزاء الأرض فذكر بعدها ) أو في السماوات ( على معنى : أو كانت في أعزّ مَنَالاً من الصخرة، وعطف عليه ) أو في الأرض ( وإنما الصخرة جزء من الأرض لقصد تعميم الأمكنة الأرضية فإن الظرفية تصدق بهما، أي : ذلك كله سواء في جانب علم الله وقدرته، كأنه قال : فتكن في صخرة أو حيث كانت من العالم العلوي والعالم السفلي وهو معنى قوله ) وما يعزب عن ربك مثقال ذرّة في الأرض ولا في السماء ولا أصغرَ من ذلك ولا أكبرَ إلا في كتاب مبين ( ( يونس : ٦١ ).
والإتيان كناية عن التمكن منها، وهو أيضاً كناية رمْزيَّة عن العلم بها لأن الإتيان بأدق الأجسام من أقصى الأمكنة وأعمقها وأصلبها لا يكون إلا عن علم بكونها في ذلك المكان وعلم بوسائل استخراجها منه.