" صفحة رقم ١٦٥ "
بيانه في تضاعيف وصايا أبيه كما شمل النهيُ عن المنكر اجتناب الأعمال السيئة كذلك. والأمر بأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يقتضي إتيان الآمر وانتهاءه في نفسه لأن الذي يأمر بفعل الخير وينهى عن فعل الشر يعلم ما في الأعمال من خير وشر، ومصالح ومفاسد، فلا جرم أن يتوقاها في نفسه بالأولوية من أمره الناسَ ونهيه إياهم. فهذه كلمة جامعة من الحكمة والتقوى، إذ جمع لابنه الإرشاد إلى فعله الخيرَ وبثِّه في الناس وكفه عن الشر وزجره الناس عن ارتكابه، ثم أعقب ذلك بأن أمره بالصبر على ما يصيبه. ووجه تعقيب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بملازمة الصبر أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يَجران للقائم بهما معاداةً من بعض الناس أو أذى من بعض فإذا لم يصبر على ما يصيبه من جراء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو شك أن يتركهما. ولما كانت فائدة الصبر عائدة على الصابر بالأجر العظيم عُدَّ الصبر هنا في عداد الأعمال القاصرة على صاحبها ولم يلتفت إلى ما في تحمل أذى الناس من حسن المعاملة معهم حتى يذكر الصبر مع قوله ) ولا تصاعر خَدّك للناس ( ( لقمان : ١٨ ) لأن ذلك ليس هو المقصود الأول من الأمر بالصبر.
والصبر : هو تحمل ما يحل بالمرء مما يؤلم أو يحزن. وقد تقدم في قوله تعالى ) واستعينوا بالصبر والصلاة في سورة البقرة.
وجملة إن ذلك من عزم الأمور ( موقعها كموقع جملة ) إن الشرك لظلم عظيم ( ( لقمان : ١٣ ). ( سقط : وجملة إن الله لطيف خبير يجوز أن تكون من كلام لقمان وأن تكون معترضة من كلام الله تعالى. )