" صفحة رقم ١٦٩ "
على جَمع أبطلت منه معنى الجَمْعِيَّة. وإنما أوثر لفظ الجمع لأن كلمة الحمير أسعد بالفواصل لأن من محاسن الفواصل والأسجاع أن تجري على أحكام القوافي، والقافية المؤسسة بالواو أو الياء لا يجوز أن يرد معها ألف تأسيس فإن الفواصل المتقدمة من قوله ) ولقد ءاتينا لقمان الحكمة ( ( لقمان : ١٢ ) هي : حميد، عظيم، المصير، خبير، الأمور، فخور، الحمير. وفواصل القرآن تعتمد كثيراً على الحركات والمُدود والصيغ دون تماثل الحروف وبذلك تخالف قوافي القصائد. وهذا وفاء بما وعدتُ به عند الكلام على قوله تعالى ) ولقد ءاتينا لقمان الحكمة ( من ذكر ما انتهى إليه تتبعي لما أُثِر من حِكمة لقمان غير ما في هذه السورة وقد ذكر الألوسي في ( تفسيره ) منها ثمانياً وعشرين حكمة وهي :
قوله لابنه : أي بني، إن الدنيا بحر عميق، وقد غرق فيها أناس كثير فاجعل سفينتك فيها تقوى الله تعالى، وحِشوها الإيمان، وشراعها التوكل على الله تعالى لعلك أن تنجو ولا أراك ناجياً.
وقوله : من كان له من نفسه واعظ كان له من الله عز وجل حافظ، ومن أنصف الناس من نفسه زاده الله تعالى بذلك عزاً، والذل في طاعة الله تعالى أقرب من التعزز بالمعصية.
وقوله : ضَرْبُ الوالد لولده كالسماد للزرع.
وقوله : يا بني إياك والدَّين فإنه ذل النهار وَهَمُّ الليل.
وقوله : يا بني ارجُ الله عز وجل رجاء لا يجرِّئك على معصيته تعالى، وخَففِ الله سبحانه خوفاً لا يؤيسك من رحمته تعالى شأنه.
وقوله : من كَذب ذهب ماء وجهه، ومَن ساء خلُقُه كثُر غمُّه، ونقل الصخور من مواضعها أيسر من إفهام من لا يفهم.
وقوله : يا بني حَملْتُ الجندل والحديد وكلَّ شيء ثقيل فلم أحمل شيئاً هو أثقل من جار السوء، وذقت المِرار فلم أذق شيئاً هو أمرّ من الفقر.
يا بني لا تُرسِلْ رسولك جاهلاً فإن لم تجد حكيماً فكن رسولَ نفسك.


الصفحة التالية
Icon