" صفحة رقم ٢١٩ "
الإخبار اكتفاء بدخول الاستفهام على أول الجملة ومتعلقها. وقرأ الباقون ﴿لَفِى خَلْقٍ جَدِيدا بَلْ﴾ بهمزتين أولاهما للاستفهام والثانية تأكيد لهمزة الاستفهام الداخلة على ﴿ضَلَلْنَا فِى الارْضِ أَءِنَّا﴾ وقرأ ابن عامر بترك الاستفهام في الموضعين على أن الكلام خبر مستعمل في التهكم.
وتأكيد جملة ﴿أَءِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدا ﴾ بحرف ﴿إِنَّ﴾ لأنهم حكوا القول الذي تعجبوا منه وهو ما في القرآن من تأكيد تجديد الخلق فحكوه بالمعنى كما في الآية الأخرى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ (سبأ: ٧)، أي: يُحَقِّق لكم ذلك.
و﴿إِذَا﴾ ظرف وهو معمول لما في جملة ﴿أَءِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدا ﴾ من معنى الكون. والخلق: مصدر. و﴿فِى﴾ للظرفية المجازية ومعناها المصاحبة.
والجديد: المحدث، أي غير خلقنا الذي كنا فيه.
و﴿بَلْ﴾ من ﴿بَلْ هُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ﴾ إضراب عن كلامهم، أي ليس إنكارهم البعث للاستبعاد والاستحالة لأن دلائل إمكانه واضحة لكل متأمل ولكن الباعث على إنكارهم إياه هو كفرهم بلقاء الله، أي كفرهم الذي تلقوه عن أيمتهم عن غير دليل، فالمعنى: بل هم قد أيقنوا بانتفاء البعث فهم متعنّتون في الكفر مُصرّون عليه لا تنفعهم الآيات والأدلة. فالكفر المثبت هنا كفر خاص وهو غير الكفر الذي دل عليه قولهم ﴿أَءِذَا ضَلَلْنَا فِى الارْضِ أَءِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدا ﴾ فإنه كفر بلقاء الله لكنهم أظهروه في صورة الاستبعاد تشكيكاً للمؤمنين وترويجاً لكفرهم.
وتقديم المجرور على ﴿كَافِرُونَ﴾ للرعاية على الفاصلة، والإتيان بالجملة الاسمية لإفادة الدوام على كفرهم والثبات عليه.


الصفحة التالية
Icon