" صفحة رقم ٢٢٤ "
إرجاعهم إلى الدنيا ليعملوا الصالحات مقتضى لحكمتنا لكنا جبلناهم على الهدى في حياتهم الدنيا فكانوا يأتون الصالحات بالقَسر والإلجاء. فالمراد ﴿الْقَوْلُ﴾ ما أوعد الله به أهل الشرك والضلال.
و﴿الْجَنَّةَ﴾ : الجِنّ وهم الشياطين.
وجعل جمهور المفسرين قوله ﴿وَلَوْ شِئْنَا لاتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَا هَا﴾ إلى آخره جواباً موجهاً من قبل الله تعالى إلى المجرمين عن قولهم ﴿رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا﴾ (السجدة: ١٢) الخ.
ووجود الواو في أول هذا الكلام ينادي على أنه ليس جواباً لقول المشركين يومئذ فهم أقل من أن يجعلوا أهلاً لتلقي هذه الحكمة بل حقهم الإعراض عن جوابهم كما جاء في آية سورة المؤمنين (١٠٦ ـ ١٠٨): ﴿قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَآلِّينَ * رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ * قَالَ اخْسَاُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾، ولأنه لا يلاقي سؤالهم لأنهم سألوا الرجوع ليعملوا صالحاً ولم يكن كلامهم اعتذاراً عن ضلالهم بأن الله لم يؤتهم الهدى في الحياة الدنيا، وإنما هذا بيان من الله ساقه للرسول عليه الصلاة والسلام والمؤمنين ليحيطوا علماً بدقائق الحكمة الربانية.
وعدل عن الإضافة ﴿حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّى﴾ فلم يقل: حقَّ قولي، لأنه أريد الإشارة إلى قول معهود وهو ما في سورة ص :﴿لامْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ أي حق القول المعهود. واجتلبت ﴿مِن﴾ الابتدائية لتعظيم شأن هذا القول بأنه من الله. وعدل عن ضمير العظمة إلى ضمير النفس لإفادة الانفراد بالتصرف ولأنه الأصل، مع ما في هذا الاختلاف من التفنن.
هذا جواب عن قولهم ﴿رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا﴾ (السجدة: ١٢) الذي هو إقرار بصدق ما كانوا يكذّبون به، المؤذِن به قولهم ﴿رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا﴾ فالفاء لتفريع جواب


الصفحة التالية
Icon