" صفحة رقم ٢٢٦ "
ويقولون: أيامُ بني فلان على بني فلان، أي أيام انتصارهم. وسبب ذلك أن تقدير الإضافة على معنى اللام وهي تفيد الاختصاص المنتزع من المِلك، قال عمرو بن كلثوم:
وأيَّام لنا غُرَ طوالٍ
وقال تعالى: ﴿ذَالِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ ﴾ (النبأ: ٣٩)، أي: يوم نصر المؤمنين على المشركين في الآخرة نصراً مؤبَّداً، أي ليس كأيامكم في الدنيا التي هي أيام نصر زائل.
والإشارة بـ ﴿هَاذَا﴾ إلى اليوم تهويلاً له.
وجملة ﴿إِنَّا نَسِينَاكُمْ ﴾ مستأنفة استئنافاً بيانياً لأن المجرمين إذا سمعوا ما علموا منه أنهم ملاقو العذاب من قوله ﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَاذَآ﴾ تطلعوا إلى معرفة مدى هذا العذاب المَذوق وهل لهم منه مخلص وهل يُجابون إلى ما سألوا من الرجعة إلى الدنيا ليتداركوا ما فاتهم من التصديق، فأعلموا بأن الله مُهمل شأنهم، أي لا يستجيب لهم وهو كناية عن تركهم فيما أُذيقوه. وقد تقدم في سورة طه قوله: ﴿قَالَ كَذَالِكَ أَتَتْكَ ءَايَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَالِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ﴾ فشبه بالنسيان إظهاراً للعدل في الجزاء وأنه من جنس العمل المُجازَى عنه. وقد حُقّق هذا الخبر بمؤكدات وهي حرف التوكيد. وإخراج الكلام في صيغة الماضي على خلاف مقتضى الظاهر من زمن الحال لإفادة تحقق الفعل حتى كأنه مضى ووقع.
وقوله ﴿وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ عطف على ﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ﴾ وهو وإن أفاد تأكيد تسليط العذاب عليهم فإن عطفه مراعى فيه ما بين الجملتين من المغايرة بالمتعلِّقات والقيود مغايرة اقتضت أن تعتبر الجملة الثانية مفيدة فائدة أخرى؛ فالجملة الأولى تضمنت أن من سبب استحقاقهم تلك الإذاقة إهمالَهم التدبر في حلول هذا اليوم، والجملة الثانية تضمنت أن ذلك العذاب مستمر وأن سبب استمرار العذاب وعدم تخفيفه أعمالهم الخاطئة وهي أعم من نسيانهم لقاء يومهم ذلك.


الصفحة التالية
Icon