" صفحة رقم ٢٤٦ "
قلت : ثلاثاً وسبعين آية. قال : أقَطْ بهمزة استفهام دخلت على قط، أي : حسب فوالذي يَحْلِف به أُبَيّ : إن كانت لتعدل سورة البقرة. ولقد قرأنا فيها :( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتية نكالاً من الله والله عزيز حكيم ) فرفُع فيما رُفُع، أي : نُسخ فيما نُسخ من تلاوة ءاياتها. وما رواه أبو عُبيدٍ القاسم بن سَلاّم بسنده وابنُ الإنباري بسنده عن عائشة قالت : كانت سورة الأحزاب تُقرأ في زمان النبي ( ﷺ ) مائتي آية فلما كتَب عثمان المصاحف لم يَقدر منها إلا على ما هو الآن. وكلام الخبرين ضعيف السند. ومحمل الخبر الأول عند أهل العلم أن أُبَيّاً حدّث عن سورة الأحزاب قبل أن يُنسخ منها ما نُسخ. فمنه ما نسخت تلاوته وحكمُه ومنه ما نسخت تلاوته خاصة مثل آية الرجم. وأنا أقول : إن صح عن أبيّ ما نُسب إليه فما هو إلا أن شيئاً كثيراً من القرآن كان أُبيّ يُلْحقه بسورة الأحزاب وهو من سور أخرى من القرآن مثل كثير من سورة النساء الشبيه ببعض ما في سورة الأحزاب أغراضاً ولهجة مما فيه ذكر المنافقين واليهود، فإن أصحاب رسول الله لم يكونوا على طريقة واحدة في ترتيب آي القرآن ولا في عِدّة سور وتقسيم سوره كما تقدم في المقدمة الثامنة ولا في ضبط المنسوخ لفظه. كيف وقد أجمع حفاظ القرآن والخلفاءُ الأربعة وكافة أصحاب رسول الله ( ﷺ ) إلا الذين شذوا على أن القرآن هو الذي في المصحف وأجمعوا في عدد آيات القرآن على عدد قريب بعضه من بعض كما تقدم في المقدمة الثامنة.
وأما الخبر عن عائشة فهو أضعف سنداً وأقرب تأويلاً فإن صحّ عنها، ولا إخاله، فقد تحدثتْ عن شيء نُسخ من القرآن كان في سورة الأحزاب. وليس بعد إجماع أصحاب رسول الله ( ﷺ ) على مصحف عثمان مطلبٌ لطالب.
ولم يكن تعويلهم في مقدار القرآن وسوره إلاّ على حفظ الحفاظ. وقد افتقد زيد بن ثابت آية من سورة الأحزاب لم يجدها فيما دفع إليه من صحف القرآن فلم يزل يَسأل عنها حتى وجدَها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري وقد كان يسمع رسول الله يقرؤُها، فلما وجدها مع خزيمة لم يشك في لفظها الذي كان عرفه،