" صفحة رقم ٢٤٩ "
افتتاح السورة بخطاب النبي ( ﷺ ) وندائه بوصفه مُؤذِنٌ بأن الأهم من سوق هذه السورة يتعلق بأحوال النبي ( ﷺ ) وقد نودي فيها خمس مرات في افتتاح أغراض مختلفة من التشريع بعضها خاص به وبعضها يتعلق بغيره وله ملابسة له.
فالنداء الأول : لافتتاح غرض تحديد واجبات رسالته نحو ربه.
والنداء الثاني : لافتتاح غرض التنويه بمقام أزواجه واقترابه من مقامه.
والنداء الثالث : لافتتاح بيان تحديد تقلبات شؤون رسالته في معاملة الأمة.
والنداء الرابع : في طالعَة غرض أحكام تزوجه وسيرته مع نسائه.
والنداء الخامس : في غرض تبليغه آداب النساء من أهل بيته ومن المؤمنات.
فهذا النداء الأول افتتح به الغرض الأصلي لبقية الأغراض وهو تحديد واجبات رسالته في تأدية مراد ربه تعالى على أكمل وجه دون أن يفسد عليه أعداء الدين أعماله، وهو نظير النداء الذي في قوله ) يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ( ( المائدة : ٦٧ ) الآية، وقوله :( يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ( ( المائدة : ٤١ ) الآيات.
ونداء النبي عليه الصلاة والسلام بوصف النبوءة دون اسمه العلم تشريف له بفضل هذا الوصف ليُربأ بمقامه عن أن يخاطب بمثل ما يخاطب به غيره ولذلك لم يناد في القرآن بغير ) يا أيها النبي ( أو ) يا أيها الرسول ( ( المائدة : ٦٧ ) بخلاف الإخبار عنه فقد يجيء بهذا الوصف كقوله ) يوم لا يُخزِي الله النبي ( ( التحريم : ٨ ) ) وقال الرسول يا رب ( ( الفرقان : ٣٠ ) ) قل الأنفال لله والرسول ( ( الأنفال : ١ ) ) النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ( ( الأحزاب : ٦ )، ويجيء باسمه العلم كقوله ) ما كان محمدٌ أبا أحد من رجالكم ( ( الأحزاب : ٤٠ ).
وقد يتعين إجراء اسمه العلم ليوصف بعده بالرسالة كقوله تعالى ) محمد رسولُ الله ( ( الفتح : ٢٩ ) وقوله ) وما محمد إلا رسولٌ ( ( آل عمران : ١٤٤ ). وتلك مقامات يقصد فيها تعليم الناس بأن صاحب ذلك الاسم هو رسول الله، أو تلقين لهم بأن يسمُّوه بذلك


الصفحة التالية
Icon