" صفحة رقم ٢٥٢ "
وأن ينزلوا عند عبد الله بن أبيّ ابن سلول ثم جاءوا إلى رسول الله ( ﷺ ) مع عبد الله بن أُبيّ ومعتِّب بن قُشير، والجدّ بن قيس، وطمعةَ بن أُبَيْرِق فسألوا رسول الله أن يترك ذكر آلهة قريش، فغضب المسلمون وهَمّ عُمر بقتل النفر القرشيين، فمنعه رسول الله لأنه كان أعطاهم الأمان، فأمرهم أن يخرجوا من المدينة فنزلت هذه الآية، أي : اتق الله في حفظ الأمان ولا تطع الكافرين وهم النفر القرشيون والمنافقين وهم عبد الله بن أبّي ومن معه. وهذا الخبر لا سند له ولم يعرج عليه أهل النقد مثل الطبري وابن كثير.
هذا تمهيد لما يرد من الوحي في شأن أحكام التبنِّي وما يتصل بها، ولذلك جيء بالفعل المضارع الصالح للاستقبال، وجرد من علامة الاستقبال لأنه قريب من زمن الحال. والمقصود من الأمر باتباعه أنه أمرٌ باتباع خاص تأكيد للأمر العام باتباع الوحي. وفيه إيذان بأن ما سيوحَى إليه قريباً هو مما يشق عليه وعلى المسلمين من إبطال حكم التبنّي لأنهم ألِفوه واستقر في عوائدهم وعاملوا المتبنيْنَ معاملة الأبناء الحق.
ولذلك ذيلت جملة ) واتبع ما يوحى إليك ( بجملة ) إن الله كان بما تعملون خبيراً ( تعليلاً للأمر بالاتباع وتأنيساً به لأن الله خبير بما في عوائدكم ونفوسكم فإذا أبطل شيئاً من ذلك فإن إبطاله من تعلق العلم بلزوم تغييره فلا تتريثوا في امتثال أمره في ذلك، فجملة ) إن الله كان بما تعملون خبيراً ( في موقع العلة فلذلك فصلت لأن حرف التوكيد مغنٍ غناء فاء التفريع كما مرّ آنفاً.
وفي إفراد الخطاب للنبيء ( ﷺ ) بقوله ) واتبع ( وجمعه بما يشمله وأمتَه في قوله ) بما تعملون ( إيماء إلى أن فيما سينزل من الوحي ما يشتمل على تكليف يشمل تغيير حالة كان النبي عليه الصلاة والسلام مشاركاً لبعض الأمة في التلبس بها وهو حكم التبنّي إذ كان النبي متبنياً زيد بن حارثة من قبل بعثته.