" صفحة رقم ٢٥٨ "
التاء وفتح الظاء مخففة وألف وهاء مكسورة، وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وخلف :( تَظَاهرون بفتح التاء وفتح الظاء مخففة بعدها ألف وفتح الهاء.
هذا هو المقصود الذي وُطِّىء بالآيتين قبله، ولذلك أسهب الكلام بعده بتفاصيل التشريع فيه. وعطفت هاته الجملة على اللتين قبلها لاشتراك ثلاثتها في أنها نفت مزاعم لا حقائق لها.
والقول في المراد من قوله :( ما جَعَل ( كالقول في نظيره من قوله ) وما جَعَل أزواجكم اللاّءِ تظهرون منهن أمهاتكم ). والمعنى : أنكم تنسبون الأدعياء أبناءً فتقولون للدعيّ : هو ابن فلان، للذي تبناه، وتجعلون له جميع ما للأبناء.
والأدعياء : جمع دَعِيّ بوزن فَعيل بمعنى مفعول مشتقاً من مادة الادّعاء، والادّعاء : زعم الزاعم الشيء حقاً له من مال أو نسب أو نحو ذلك بصدق أو كذب، وغلب وصف الدعيّ على المدّعي أنه ابن لمن يُتحقق أنه ليس أباً له ؛ فمن ادعى أنه ابن لمن يحتمل أنه أب له فذلك هو اللحيق أو المستلْحق، فالدعي لم يجعله الله ابناً لمن ادّعاه للعِلم بأنه ليس أباً له، وأما المستلحَق فقد جعله الله ابناً لمن استلحقه بحكم استلحاقه مع إمكان أبوته له. وجُمع على أفْعِلاء لأنه معتل اللام فلا يجمع على فَعْلَى، والأصح أن أفْعِلاَء يطّرد في جمْع فعيل المعتل اللام سواء كان بمعنى فاعل أو بمعنى مفعول.
نزلت هذه الآية في إبطال التبني، أي : إبطال ترتيب آثار البنوة الحقيقية من الإرث، وتحريم القرابة، وتحريم الصهر، وكانوا في الجاهلية يجعلون للمتبنَّى أحكام البنوة كلها، وكان من أشهر المتبنَيْنَ في عهد الجاهلية زيدُ بن حارثة تبناه النبي ( ﷺ ) وعامر بن ربيعة تبناه الخطاب أبو عُمر بن الخطاب، وسالم تبناه أبو حذيفة، والمقدادُ بن عمرو تبناه الأسودُ بن عبد يغوث، فكان كل واحد من هؤلاء الأربعة يدعى ابناً للذي تبنّاه.