" صفحة رقم ٢٧٢ "
والاستثناء بقوله ) إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً ( منقطع، و ) إلا ( بمعنى ( لكنْ ) لأن ما بعد ) إلا ليس من جنس ما قبلها فإن الأولوية التي أثبتت لأولي الأرحام أولوية خاصة وهي أولوية الميراث بدلالة السياق دون أولوية حسن المعاشرة وبذل المعروف. وهذا استدراك على ما قد يتوهم من قطع الانتفاع بأموال الأولياء عن أصحاب الولاية بالإخاء والحلف فبين أن الذي أُبطل ونسخ هو انتفاع الإرث وبَقي حكم المواساة وإسداء المعروف بمثل الإنفاق والإهداء والإيصاء.
وجملة كان ذلك في الكتاب مسطوراً ( تذييل لهذه الأحكام وخاتمة لها مؤذنة بانتهاء الغرض من الأحكام التي شُرعت من قوله ) ادعوهم لآبائهم ( ( الأحزاب : ٥ ) إلى هنا، فالإشارة بقوله ) ذلك ( إلى المذكور من الأحكام المشروعة فكان هذا التذييل أعمّ مما اقتضاه قوله ) بعضهم أوْلَى ببعض في كتاب الله. ( وبهذا الاعتبار لم يكن تكريراً له ولكنه يتضمنه ويتضمن غيره فيفيد تقريره وتوكيده تبعاً وهذا شأن التذييلات.
والتعريف في ) الكِتَاب ( للعهد، أي : كتاب الله، أي : ما كتبه على الناس وفرضه كقوله ) كتابُ الله عليكم ( ( النساء : ٢٤ )، فاستعير الكتاب للتشريع بجامع ثبوته وضبطه التغيير والتناسي، كما قال الحارث بن حلزة :
حذر الجور والتطاخي وهل ين
قض ما في المهارق الأهواء
ومعنى هذا مثل قوله تعالى :( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله في سورة الأنفال. فالكتاب : استعارة مكنية وحرف الظرفية ترسيخ للاستعارة.
والمسطور : المكتوب في سطور، وهو ترشيح أيضاً للاستعارة وفيه تخييل للمكنية.
وفعل كان ( في قوله ) كان ذلك ( لتقوية ثبوته في الكتاب مسطوراً، لأن ) كان ( إذا لم يقصد بها أن اسمها اتصف بخبرها في الزمن الماضي كانت للتأكيد غالباً مثل ) وكان الله غفوراً رحيماً ( ( الأحزاب : ٤ ) أي : لم يزل كذلك.