" صفحة رقم ٢٨٣ "
ابتلي ( اه. قلت : ومنه دخول ( لات ) على ( هَنّا ) في قول حجل بن نضلة :
خنت نَوارُ ولات هَنَّا حِنت
وبدا الذي كانت نوار أجنت
فإن ( لات ) خاصة بنفي أسماء الزمان فكان ( هَنَّا ) إشارة إلى زمان منكر وهو لغة في ( هُنا ). ويقولون : يومُ هُنَا، أي يوم أول، فيشيرون إلى زمن قريب، وأصل ذلك مجاز توسع فيه وشاع.
والابتلاء : أصله الاختبار، ويطلق كناية عن إصابة الشدة لأن اختبار حال الثبات والصبر لازم لها، وسمى الله ما أصاب المؤمنين ابتلاء إشارة إلى أنه لم يزعزع إيمانهم.
والزلزال : اضطراب الأرض، وهو مضاعف زَلّ تضعيفاً يفيد المبالغة، وهو هنا استعارة لاختلال الحال اختلالاً شديداً بحيث تُخَيَّل مضطربة اضطراباً شديداً كاضطراب الأرض وهو أشدّ اضطراباً للحاقه أعظم جسم في هذا العالم. ويقال : زُلْزِلَ فلان، مبنياً للمجهول تبعاً لقولهم : زُلزلت الأرض، إذ لا يعرف فاعل هذا الفعل عُرفاً. وهذا هو غالب استعماله قال تعالى :( وزلزلوا حتى يقول الرسول الآية ( ( البقرة : ٢١٤ ).
والمراد بزلزلة المؤمنين شدة الانزعاج والذعر لأن أحزاب العدو تفوقُهم عَدداً وعُدة.
( ١٢ ١٣ )
عطف على ) وإذْ زاغتْ الأبصار ( ( الأحزاب : ١٠ ) فإن ذلك كله مما ألحَق بالمسلمين ابتلاء فبعضه من حال الحرب وبعضه من أذى المنافقين، ليحذروا المنافقين فيما يحدث من بعد، ولئلا يخشوا كيدهم فإن الله يصرفه كما صرف أشدَّه يوم الأحزاب.


الصفحة التالية
Icon