" صفحة رقم ٢٩٣ "
عطف على جملة ) قل من ذا الذي يعصمكم، ( أو هي معترضة بين أجزاء القول، والتقديران متقاربان لأن الواو الاعتراضية ترجع إلى العاطفة. والكلام موجه إلى النبي ( ﷺ ) وليس هو من قبيل الالتفات. والمقصود لازم الخبر وهو إعلام النبي عليه الصلاة والسلام ببطلان تحيلاتهم وأنهم لا يجدون نصيراً غير الله وقد حرمهم الله النصر لأنهم لم يعقدوا ضمائرهم على نصر دينه ورسوله. والمراد بالولي : الذي يتولى نفعهم، وبالنصير : النصير في الحرب فهو أخص.
( ١٨ ١٩ ) ) (
).
استئناف بياني ناشىء عن قوله من ذا الذي يعصمكم من الله ( ( الأحزاب : ١٧ ) لأن ذلك يثير سؤالاً يهجس في نفوسهم أنهم يُخفون مقاصدهم عن رسول الله ( ﷺ ) فلا يشعر بمرادهم من الاستئذان، فأُمر أن يقول لهم ) قد يعلم الله المعوِّقين منكم ( أي : فالله ينبىء رسوله بكم بأن فِعْل أولئك تعويق للمؤمنين. وقد جعل هذا الاستئناف تخلصاً لذكر فريق آخر مِن المعوّقين.
و ) قد ( مفيد للتحقيق لأنهم لنفاقهم ومَرض قلوبهم يشكّون في لازم هذا الخبر وهو إنباء الله رسوله عليه الصلاة والسلام بهم، أو لأنهم لجهلهم الناشىء عن الكفر يظنون أن الله لا يعلم خفايا القلوب. وذلك ليس بعجيب في عقائد أهل الكفر. ففي ( صحيح البخاري ) عن ابن مسعود :( اجتمع عند البيت قُرشيان وثقفيّ أو ثقفيان وقرشي كثيرةٌ شُحمُ بطونهم قليلةٌ فِقهُ قلوبهم، فقال أحدهم : أتُرَوْنَ أن الله يسمع ما نقول ؟ قال الآخر : يسمع إذا جهرنا ولا يسمع إذا أخفينا. وقال الآخر : إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا، فأنزل الله تعالى :( وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جُلودكم ولكن ظننتم أن الله


الصفحة التالية
Icon