" صفحة رقم ٢٩٦ "
وأشحةً ( حال من ضمير ) يأتون. ( والشحّ : البخل بما في الوسع مما ينفع الغير. وأصله : عدم بذل المال، ويستعمل مجازاً في منع المقدور من النصر أو الإعانة، وهو يتعدّى إلى الشيء المبخول به بالباء وب ) على ( قال تعالى :( أشّحة على الخير ( ويتعدى إلى الشخص الممنوع ب ) على ( أيضاً لما في الشحّ من معنى الاعتداء فتعديته في قوله تعالى ) أشحة عليكم ( من التعدية إلى الممنوع.
والمعنى : يمنعونكم ما في وسعهم من المَال أو المعونة، أي : إذا حضروا البأس منعوا فائدتهم عن المسلمين ما استطاعوا ومن ذلك شحّهم بأنفسهم وكل ما يُشحّ به.
ويجوز جعل ) على ( هنا متعدية إلى المضنون به، أي كما في البيت الذي أنشده الجاحظ :
لقد كنت في قوم عليك أشحة
بنفسك إلا أنَّ ما طاح طائح
وجعل المعنى : أشحة في الظّاهر، أي يظهرون أنهم يخافون عليكم الهلاك فيصدونكم عن القتال ويحسِّنون إليكم الرجوع عن القتال، وهذا الذي ذهب إليه في ( الكشاف ). وفُرع على وصفهم بالشح على المسلمين قوله ) فإذا جاء الخوف ( إلى آخره.
والمجيء : مجاز مشهور من حدوث الشيء وحصوله. كما قال تعالى ) فإذا جاء وعدُ الآخرة ( ( الإسراء : ٧ ).
و ) الخوف : توقع القتال بين الجيشين، ومنه سميت صلاة الخوف. والمقصود : وصفهم بالجبن، أي : إذا رأوا جيوش العدوّ مقبلة رأيتهم ينظرون إليك. والظاهر أن الآية تشير إلى ما حصل في بعض أيام الأحزاب من القتال بين الفرسان الثلاثة الذين اقتحموا الخندق من أضيق جهاته وبين علي بن أبي طالب ومن معه من المسلمين كما تقدم.
والخطاب في رأيتهم ( للنبيء ( ﷺ ) وهو يقتضي أن هذا حكاية حالة وقعت لا فرض وقوعها ولهذا أتي بفعل ) رأيتهم ( ولم يقل : فإذا جاء الخوف ينظرون


الصفحة التالية
Icon