" صفحة رقم ٣٠٢ "
ومعنى ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلاً ( أنهم إذا فرض أن لا يتمكنوا من الخروج إلى البادية وبقُوا في المدينة مع المسلمين ما قاتلوا مع المسلمين إلا قتالاً قليلاً، أي : ضعيفاً لا يُؤْبَه به، وإنما هو تعلة ورياء، وتقدم نظيره آنفاً.
والأنباء : جمع نبأ وهو : الخبر المهم، وتقدم عند قوله تعالى ) ولقد جاءك من نبأ المرسلين في سورة الأنعام.
وقرأ الجمهور يسألون ( بسكون السين فهمزة مضارع سأل. وقرأ رويس عن يعقوب ) يَسَّاءلون ( بفتح السين مشددة وألف بعدها الهمزة مضارع تساءل، وأصله : يتساءلون أدغمت التاء في السين.
بعد توبيخ المنافقين والذين في قلوبهم مرض أقبل الكلام على خطاب المؤمنين في عموم جماعتهم ثناء على ثباتهم وتأسّيهم بالرسول ( ﷺ ) على تفاوت درجاتهم في ذلك الائتساء، فالكلام خبر ولكن اقترانه بحرفي التوكيد في ) لقد يومىء إلى تعريض بالتوبيخ للذين لم ينتفعوا بالإسوة الحسنة من المنافقين والذين في قلوبهم مرض فلذلك أتي بالضمير مجملاً ابتداء من قوله لكم، ( ثم فُصِّل بالبدل منه بقوله ) لمن كان يرجو الله واليومَ الآخر وذكر الله كثيراً، ( أي : بخلاف لمن لم يكن كأولئك، فاللام في قوله :( لمن كان يرجو الله ( توكيد لللام التي في المبدل منه مثل قوله تعالى ) تكون لنا عيدا لأوّلنا وآخرنا ( ( المائدة : ١١٤ )، فمعنى هذه الآية قريبٌ من معنى قوله تعالى في سورة براءة في قصة تبوك :( رَضُوا بأن يكونوا مع الخوالف وطُبع على قلوبهم فهم لا يفقهون لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم ( ( التوبة : ٨٧، ٨٨ ) الآية.
والإسوة بكسر الهمزة وضمها اسم لما يُؤتَسَى به، أي : يُقتدى به ويُعمل مثل عمله. وحق الأسوة أن يكون المؤتسى به هو القدوة ولذلك فحرف ) في جاء على